خلفت التصريحات الخطيرة للعلماني المتطرف أحمد عصيد هذه السنة موجة عارمة من الاستنكار والاستهجان؛ حيث ضجت الصحافة المكتوبة والإلكترونية بالمقالات والتعليقات..؛ أما صفحات التواصل الاجتماعي التي توفر مجالا واسعا لحرية التعبير فقد بلغ الحد فيها درجات متقدمة جدا من التعبير عن الغضب والاستياء.
فقد وصف عصيد في ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على هامش انعقاد مؤتمرها العاشر تحت عنوان: “نضال مستمر ووحدوي من أجل دستور ديمقراطي يؤسس لسيادة قيم وحقوق الإنسان الكونية”؛ رسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- التي وجهها إلى الحكام والملوك بالإرهابية.
وقال وهو يشعر بالدفء والحنين بين بني نحلته أنه “لا يجب تدريس التلاميذ في الثانوي رسالة النبي محمد التي أرسلها لملوك وحكام ذلك العصر، يدعوهم فيها للإسلام، وتبتدئ بعبارة أسلم تسلم، لأنها رسالة إرهابية تهديدية”.
مضيفا أن: “الرسالة التي تدرس في المقرر لتلامذتنا وهم في سن الـ16 هي في الحقيقة رسالة إرهابية، لأنها ترتبط بسياق كان الإسلام ينتشر فيه بالسيف والعنف، أما اليوم فقد أصبح المعتقد اختيارا شخصيا حرا للأفراد، ولا يمكن أن تدرس للتلميذ رسالة تقول إما أن تسلم وإلا أنك ستموت، وتدرس على أنها من القيم العليا للإسلام”؛ وقال متهكما: “انظروا إلى النبي كيف تعامل مع ملوك ذلك الزمان وكذا؛ هذا شيء غير مشرف وهو موجود في منظومتنا التربوية”اهـ.
وتساءل البعض إن كان عصيد قد تجرأ أمام الملأ على وصف رسائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالإرهابية وغير المشرفة؛ فماذا سيدرس أبناءنا داخل الفصل المدرسي؟
وما هي العقائد والأفكار التي سيمررها أثناء الدرس والمناقشة حول الدين والرسل والقرآن وأحكام وشرائع الإسلام..؟
وما هي القناعات التي سيشيعها في الناس وهو الذي يشرف على برنامج (شؤون أمازيغية) في القناة الأمازيغية؟
فليست هذه هي الخرجة الأولى التي يهاجم فيها عصيد مقررات التعليم؛ ونذكر القراء الكرام أنه هاجم المقررات التعليمية غير ما مرة؛ واعتبر (المدرسة المغربية تعمل على تخريج أفواج من المؤمنين بدل تخريج مواطنين). ولا هي الخرجة الأولى أيضا التي يوجه من خلالها سهام نقده إلى الإسلام وأحكامه وشرائعه ورموزه.
فعصيد تزعجه أبواق المسجد؛ ويدعو إلى منع الصلاة في المؤسسات العمومية؛ ويعتبر شعائر عيد الأضحى تتنافى والسلوك المدني وأن تصرفات المواطنين خلال هذا العيد تجعله يكاد يشك في سلامة عقل المواطنين الذين يقومون بذلك؛ ويعترض بشدة على المسلمين إذ يعتبرون دينهم أفضل الأديان وأصحّها على الإطلاق، ويعتبرون ديانات غيرهم خرافية ومنحرفة ولا عقلانية… ويعترف بكل وضوح أن “المشكل ليس في المسلمين فقط بل يكمن في صميم الدين الإسلامي وبين ثنايا نصوصه”!! وأشياء أخرى كثيرة وخطيرة..
إلا أنه هذه السنة وبعد تجرئه على وصف رسائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالإرهابية تعرض لهبة شعبية كبرى؛ وحملات استهجان واستنكار واسعة؛ وعبر بعض المغاربة الأمازيغ الذين تم استجوابهم بأن: “جرأته الأخيرة على الرسول صلى الله عليه وسلم ومحاولته الإيقاع بين الأمازيغ والعرب والمسلمين عامة تجاوزت الصبر؛ وإني من هذا المنبر باعتباري أمازيغيا أتبرأ من هذا الشخص الذي يدعي تمثيلنا ونحن منه براء، والحقيقة أنه لا يمثل إلا نفسه وبعض الحاقدين”؛ وقال آخر: “أحسست بالأسى والحزن وأنا أقرأ ما صرح به الدعي عصيد الذي لا يمثل إلا نفسه، وإن الأمازيغ يقدسون النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقبلون أي تطاول على مقامه”.