محمد بن إدريس العلوي (1305-1370هـ/1875-1952م)

هو العلامة المشارك كما قال صاحب الاتحاف، محمد بن إدريس العلوي المكناسي، ولد عام (1305هـ) في الأسرة العلوية العبدلاوية الإسماعيلية، كان والده من أعيان مدينة مكناس، فحرص على تربيته وتعليمه، حفظ القرآن الكريم في عقده الأول، وحصل العديد من المتون العلمية.
شيوخه:
تتلمذ رحمه الله على عدة شيوخ منهم: العلامة محمد السَّقَّاط، والفقيه محمد الزهراوي، والحاج محمد بن أحمد السوسي (ت1328هـ)، والعلامة الغالي السنتيسي (ت1338هـ)، وسيدي محمد بن الحسن العرايشي (ت1351هـ)، وغيرهم، ثم رحل إلى مدينة فاس وتابع دراسته بجامعة القرويين، ومن شيوخه بها القاضي أحمد بن المامون البلغيثي (ت1348هـ)، والشريف محمد بن جعفر الكتاني (ت1345هـ)، وسواهم من علماء العصر.
علمه وأداؤه
تدرج في مدارج الطلب إلى أن حصل على شهادة العَالِـميَّة في مطلع عام (1334هـ)، وأُسند إليه كرسي الوعظ والإرشاد بالمسجد الأعظم بمكناس في عهد السلطان مولاي يوسف، وكان على دراية واسعة بفقه النوازل حتى اندرج اسمه ضمن أصحاب النوازل والإفتاء.
وأهم ما ميز حياة الفقيه محمد بن إدريس هو تقلده منصب القضاء، وهو المنصب الذي لبث فيه من سنة 1922م إلى سنة 1944م، فعين أولا قاضيا بزاوية زرهون من طرف السلطان مولاي يوسف، فاشتهر بالعدل والإنصاف وإجراء الأحكام، وعدم التساهل في إرجاع الحقوق إلى أهلها.
وفي سنة 1944م قررت سلطات الحماية عزله عن منصب القضاء نظرا للعلاقة التي كانت تجمعه بالملك محمد الخامس، ومساندته للسلطة الشرعية للبلاد، وكذا محاربته للمداس الاستعمارية، ورغم عزله بقي مؤديا لدور العالم المصلح من خلال خطبة الجمعة التي أسندت إليه بالمسجد المحمدي بالدار البيضاء.
وفي سنة 1937م اقتضى نظر الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله أن ينقل العلامة محمد بن إدريس إلى مدينة الدار البيضاء، وذلك لما رآى أن قاضيا واحدا بها غير كاف لا تساعها وكثرة عمارتها، فعينه قاضيا بدرب السلطان منها، وأُعطيت له صلاحيات واسعة، وهناك طارت شهرته واستُفتي في كل قضية وأضحى المرجوع إليه في كل أمر، كما يبدو ذلك واضحا من رسائل علماء وقضاة عصره إليه المشفوعة بعبارات الثناء والاحترام، منها رسالة للشيخ عبد الحي الكتاني يصف فيها المترجم بالعلامة المبجل، القاضي النحرير، الماجد الأصيل، سليل الأمراء، وأخرى للعلامة محمد بن العربي معنينو يُحليه فيها بالشريف السُّمَيذَع المفضال، الفقيه العلامة الممتطي من المجد غاربه وسنامه، الدَّرَّاكة المشارك النحرير، القاضي المقتدر الشهير، إلى غير ذلك من الأوصاف والتحليات التي حُلِّي بها وهو بها جدير.
تواليفه
رغم انشغال الفقيد محمد بن إدريس العلوي بالقضاء والخطابة والوعظ، فقد كان معتنيا بشيء من التأليف، فكان من أول مؤلفاته «راية الأبرار لكسر سيف الأشرار»، طبع على الحجر، و«تقييد في شأن المعلم والمتعلم»، و«ختم صحيح البخاري» ، وخطب عديدة ومحاضرات إذاعية كثيرة.
مكانته
قال فيه عبد الهادي بوطالب رحمه الله: القاضي العلامة محمد بن إدريس العلوي كان فريدا من نوعه من علماء وقضاة عصره ومفكري جيله المتنورين «ولقد كان فضيلته واحدا من طلائع النهضة الحديثة، وأحد رجال السلفية التي تجمع بين الدعوة إلى الدين الإسلامي الحق، وبين تجديد الفتاوى الشرعية طبقا لما جاء به الدين، وإغنائها بمتطلبات العصر».
وفاته
توفي رحمه بالبيضاء في عصر يوم الثلاثاء 07 رمضان 1370هـ، الموافق 12 يونيو 1952م، ونقل جثمانه إلى مكناسة الزيتون ودفن بالمشهد الإسماعيلي بها بحضور وفد رسمي أوفده جلالة المرحوم محمد الخامس، وجمع من العلماء والفقهاء والقضاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *