التيمم يقوم مقام الماء مطلقًا، يستبيح به ما يستباح بالماء، ويتيمم قبل الوقت كما يتوضأ قبل الوقت، ويبقى بعد الوقت كما تبقى طهارة الماء بعده، وإذا تيمم لنافلة صلى به الفريضة، كما أنه إذا توضأ لنافلة صلى به الفريضة، وهذا قول كثير من أهل العلم، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في الرواية الثانية، وقال أحمد: هذا هو القياس، وهذا القول هو الصحيح، وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار؛ فإن اللّه جعل التيمم مطهرًا كما جعل الماء مطهرًا، فقال تعالى: ”فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ” المائدة: 6، فأخبر -تعالى- أنه يريد أن يطهرنا بالتراب، كما يطهرنا بالماء، وعلى هذا القول الصحيح، يتيمم قبل الوقت -إن شاء- ويصلي ما لم يحدث، أو يقدر على استعمال الماء، وإذا تيمم لنفل صلى به فريضة، ويجمع بالتيمم الواحد بين فرضين، ويقضى به الفائت.
مجموع الفتاوى 21/436-438
قوله صلى الله عليه وسلم: (أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر)، فإنه حديث صحيح، لكن قد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يغلس بالفجر، حتى كانت تنصرف نساء المؤمنات متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس، فلهذا فسروا ذلك الحديث بوجهين: أحدهما: أنه أراد الإسفار بالخروج منها: أي أطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها بالستين آية إلى مائة آية، نحو نصف حزب، والوجه الثانى: أنه أراد أن يتبين الفجر ويظهر، فلا يصلي مع غلبة الظن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد التبين، إلا يوم مزدلفة فإنه قدمها ذلك اليوم على عادته.
مجموع الفتاوى 22/97-98
وسئل عن دعاء الاستخارة، هل يدعو به في الصلاة أم بعد السلام؟ فأجاب: يجوز الدعاء في صلاة الاستخارة، وغيرها قبل السلام وبعده، والدعاء قبل السلام أفضل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر دعائه كان قبل السلام، والمصلي قبل السلام لم ينصرف، فهذا أحسن.
مجموع الفتاوى 23/177
حكم ومواعظ
فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، وكان ميتا فأحياه الله وجعل له نورا يمشي به بين الناس، لا بد أن يلاحظ أحوال الجاهلية وطريق الأمتين المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى، فيرى إن قد ابتلي ببعض ذلك. فأنفع ما للخاصة والعامة العلم بما يخص النفوس من هذه الورطات وهو إتباع السيئات الحسنات، والحسنات ما ندب الله إليه على لسان خاتم النبيين من الأعمال والأخلاق والصفات.
وأما أرجح المكاسب: فالتوكل على الله، والثقة بكفايته، وحسن الظن به، وذلك أنه ينبغي للمهتم بأمر الرزق أن يلجأ فيه إلى الله ويدعوه، كما قال سبحانه فيما يأثر عن نبيّه: “كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم” رواه مسلم.
جماع الخير أن يستعين بالله سبحانه في تلقي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه هو الذي يستحق أن يُسمّى علما، وما سواه إما أن يكون علما فلا يكون نافعا، وإما أن لا يكون علما وإن سُمّي به،
ولئن كان علما نافعا فلا بد أن يكون في ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ما يغني عنه مما هو مثله وخير منه، ولتكن همته فهم مقاصد الرسول في أمره ونهيه وسائر كلامه، فإذا اطمأن قلبه أن هذا هو مراد الرسول فلا يعدل عنه فيما بينه وبين الله تعالى ولا مع الناس إذا أمكنه ذلك.
قال بعض السلف: أنت محتاج إلى الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة مر على نصيبك من الدنيا فانتظمه انتظاما. قال الله تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” الذاريات.
وما اشتبه أمره على العبد فعليه بالاستخارة المشروعة، فما ندم من استخار الله تعالى، وليكثر من ذلك ومن الدعاء، فإنه مفتاح كل خير، ولا يعجل فيقول قد دعوت فلم يستجب لي، وليتحرّ الأوقات الفاضلة كآخر الليل وأدبار الصلوات وعند الآذان، ووقت نزول المطر ونحو ذلك.