لماذا يحارب العلمانيون الاسلام؟؟!! رضوان نافع

لا يخفى على أحد الحرب الضروس التي تخوضها الفصائل العلمانية تخوضها بالأساس ضد الحركات الإسلامية، وخاصة منها التي تنافسها في المجال السياسي، أو تساند من ينافسها سياسيا، وقد أصبح واضحا للعيان أن العلمانيين يريدون إزاحة الإسلاميين الذين أصبحت لهم شعبية كبيرة، وتجربة سياسية مهمة من طريقهم بأي وسيلة.
ولما كانت الوسائل الشريفة لا تجدي، نظرا للمصداقية التي أصبحت تحظى بها هذه التيارات الإسلامية السياسية؛ فقد لجأت الفصائل العلمانية إلى وسائل دنيئة لإسقاط خصومهم.
فحشدوا كل ما يفيدهم في شن حملة تشويهية لشيطنة هذه التيارات، وجندوا لذلك ترسانة إعلامية مرئية ومسموعة ومكتوبة وإلكترونية؛ يعمل بها مجندون قد باعوا شرفهم قبل مهنيتهم مقابل المال، لا يألون جهدا في تأليف الأكاذيب، وترويج البهتان لتشويه الإسلاميين وإرضاء مستخدميهم.
والأخطر من هذا كله أن العلمانيين استطاعوا تسخير مؤسسات الدولة الحساسة كالأجهزة الأمنية والاستخباراتية في التضييق على خصومهم الإسلاميين، وتلفيق كل ما يسهم في تشويههم وشيطنتهم.
والهدف الأساس من هذه الحملة الشعواء إيصال رسائل إلى الجماهير وإلى ملك البلاد لخلق القطيعة بين الاسلاميين وبين رأس الهرم من جهة، وبينهم وبين قاعدته الشعبية من جهة ثانية، فيؤول الأمر إلى إزاحتهم تماما من المشهد السياسي.
فالتنافس السياسي مبني على التوجه للجماهير وكسب ثقتها، ولعلم هذه التيارات العلمانية بشعبية التيارات الاسلامية، سعوا إلى الحيلولة بين الجماهير وهذه التيارات بكل أنواع المكر والتضييق.
فروجوا كما أسلفت للأكاذيب والتهم المعلبة؛ لتأليب الجماهير على خصومهم، وكذلك روجوا لما يثير القطيعة بينهم وبين ملك البلاد، واستثمروا الهاجس الأمني أخبث استثمار، بل ذهبوا إلى أبعد من هذا، فسعوا إلى استعداء القوى الأجنبية على التيارات والحركات الاسلامية، وفتحوا المجال أمام هذه القوى للهيمنة على البلد ومقدراته، كل ذلك تحت مسمى مواجهة التيارات الإسلامية، وهذا ليس غريبا فالعلمانيون يعتبرون الغرب أقرب إليهم مودة وأنفع من هذه التيارات.
حينما تسمع أمينا عاما لحزب علماني حديث النشاة يقول: “جئنا لمواجهة أو محاربة الإسلاميين” يظهر لك بجلاء إلى أي مدى وصلت همجية الفكر العلماني الذي يدعي الديموقراطية ويتبجح بمبادئ التسامح والتعايش؛ إنه الفكر الاستئصالي البرغماتي الذي يدور مع مصلحته، ولو كانت في التنكر للمبادئ التي ينادي بها.
الخطير في مواجهة العلمانيين للتيارات الاسلامية هو هذا التطور في المواجهة حتى أصبحوا في مواجهة مباشرة للإسلام نفسه، وهذا مأزق كبير دخله العلمانيون بغير روية.
فتعرضوا في تصريحاتهم ومنابرهم الإعلامية، للشريعة الإسلامية ولمقدسات المسلمين ورموزهم، طامعين في ضرب المرجعية الإسلامية لإسقاط الاسلام السياسي.
وهذا بعد خطير في العقلية العلمانية البرغماتية التي لم تهتم لدين المغاربة، ولم توقر شريعة رب العالمين لا لشيء إلا لأن ذلك ينفع في إسقاط خصومهم وإزاحتهم من المشهد السياسي.
لقد وجه العلمانيون طعونا مباشرة إلى رموز الإسلام ابتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسنته الشريفة، وانتهاء بأئمة المسلمين وعلمائهم، وألقوا شبها باردة حول المعلوم من دين الاسلام بالضرورة مما تلقفوه من النصارى ومن كل حاقد اتخذ الإسلام غرضا لسهامه المسمومة.
ومع هذا كله تجدهم يدغدغون مشاعر المغاربة بأنهم ليسوا ضد الدين، وإنما هم ضد القراءات الخاطئة للدين، وهذه الدعوى في حد ذاتها تسفيه للأمة. فهل هذه المسلمات والقراءات للدين التي أجمعت عليها الأمة خاطئة؟؟ وهل كانت الأمة على ضلال هذه القرن كلها حتى جاء العلمانيون الذين لا علاقة لهم بعلوم الشريعة فأخرجوا لنا القراءة الصحيحة لديننا؟؟ إنه الضحك على الذقون!!
المغربي العاقل يعرف مدى صحة قراءتكم للدين لما ينظر إلى علمائكم الذين أخرجوا لنا هذه القراءة. وحينما تستضيفون العلماني الملحد (القمني)، وتنظم له الندوات، ويبجل ويقدم للشعب المغربي على أنه مفكر كبير؛ يعلم المغربي العاقل نوع القراءة والفكر الذي تسوقونه.
إن سيطرة التيارات العلمانية على الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرقابية والمؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، جعلهم في أريحية تامة ويقين كامل في الإفلات من كل محاسبة أو تبعات لهذا العبث الشنيع بدين المغاربة ورموزهم. ولم يبق في مواجهتهم إلا منابر وأقلام شريفة تعي خطورة هذه الحملة العلمانية التي نراها وضعت لها سقفا خطيرا يؤول إلى استنساخ التجربة التونسية في زمن العلماني الهالك بورقيبة.
وهذه المنابر الشريفة أصبحت بدورها مستهدفة من هذه التيارات وهذا شيء طبيعي، ويصورون للشعب المغربي أن هذه المنابر والأقلام تابعة للتيارات السياسية الإسلامية، وأن غرضها من الرد على العلمانيين إنما هو نصرة حزبها السياسي. وهذه مغالطة كبيرة وتحوير للواقع؛ فهذه الأقلام والمنابر إنما تحركها الحمية لدين الله ومقدسات المسلمين؛ التي يعبث بها هؤلاء، ويوظفونها أخبث توظيف في حملتهم الاستئصالية لخصومهم.
العلمانيون اليوم يريدون صياغة دين جديد (علماني)، ويريدون للمغاربة أن يدينوا به، ويحاكموا الناس على ضوئه، وكل من خالفه فهو ظلامي ورجعي، وتهمة الداعشية والإرهاب جاهزة لألصاقها به في أي وقت، وقد يقدمون لذلك بصناعة بعض الأحداث.
وتجدر الإشارة إلى أن استراتيجية العلمانيين في حربهم على الشريعة الإسلامية لم تختلف عنها في حربهم على التيارات الاسلامية السياسية، فقد طفحت موادهم الإعلامية وتصريحاتهم العفنة بالكذب والبهتان والخيانات العلمية، والتدليس والبتر ونحل الأقوال على من لم يتفوه بها، واتهام أئمة الإسلام بأشنع التهم، وهذا لا نستغربه منهم لكن الذي نستغربه رواج كل هذا على المغاربة وقبول الكثيرين منهم له، وزعزعة عقيدتهم في ثوابتهم الدينية التي عاشوا عليها.
كما أشير إلى شيء كررته في مقالاتي السابقة لأهميته، وهو أن العلمانيين المغاربة على خطى علمانيي مصر الذين يسبقونهم بخطوات فخطتهم واحدة وخطواتهم واحدة، وهذا يعطي تصورا للمغاربة عن مآلات الفكر العلماني.
وتتقاطع هذه الحملة العلمانية مع الحملة الغربية على الاسلام؛ لذلك نجد قنوات التواصل مفتوحة على الدوام بين الكيانات العلمانية في بلادنا، وبين إخوانهم في الكيان الصهيوني، وفي أمريكا وأوروبا؛ ويتلقون منهم دعما ماديا ومعنويا.
ولا شك أن الغرب هو من صنع هؤلاء وصاغ عقولهم، وسيوظفهم لبسط الهيمنة على البلد، وتدجين الشعب للقبول بذلك.
فهو احتلال حديث بآليات جديدة.
أيها المغربي المسلم إن حرب الأفكار المعلن منها وغير المعلن التي يشنها الغرب وأذنابه العلمانيون؛ إنما الغرض منها أن تجعلك عجينا؛ يقبل أن يوضع في قوالب صنعها له أعداء دينه في الخارج؛ عملوا بدأب على صياغتها وتطويرها مرارا، مراعين في ذلك مظاهر القوة والضعف والوحدة والفرقة في الأمة.
فهذه الحرب الفكرية الموجهة إلى ثوابت الدين الإسلامي ومسلماته اتخذت أشكالا من المكر والخداع الفكري، وقد قدموا لها منذ سنوات بخطوات مدروسة ومحسوبة، لتجهيل الأمة وسلخ هويتها الإسلامية، وذلك عن طريق التغريب الإعلامي، وإفراغ مناهج التعليم من كل مقومات البناء الفعال للشخصية المسلمة، بل استغل التعليم لتخريج أفواج من الشباب المستغرب مهزوز الهوية، والمغيب عن قضايا أمته، وكل ذلك توصل إليه الغرب عن طريق هذه التيارات العلمانية، فهي آلياته في حربه الناعمة على الأمة.
أيها المغربي المسلم أصبح لزاما عليك إدراك خطورة الفكر العلماني وترسيخه في المجتمع، فهو ذريعة لتنفيذ مخطط قديم حديث للهيمنة على بلاد المسلمين.
فالغرب يدرك تماما أن عزل المسلمين عن دينهم يجعلهم لقمة سائغة.
فأفق أخي المغربي المسلم وكن على بصيرة مما يحاك لك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *