إن واقع الحضارة الغربية المرير يحكي عن نفسه بالأرقام والحقائق التي لا يستطيع أن يشك أو يطعن فيها أحد، وسنكتفي بعرض نماذج موجزة من الحوادث التي وقعت في بلاد الحضارة والمدنية وحقوق الإنسان! وللقارئ الكريم أن يحكم -على ضوء هذه الحقائق والتصريحات- على مدى سعادة المجتمع الغربي وعلى قوة الارتباط الأسري وعمق منابع الحب والحنان والرحمة المتجسدة فيه.
فالعنف العالمي ضد المرأة أصبح من العبارات التي يتكرر ذكرها على نطاق واسع، بل أخذت الظاهرة أبعادًا تثير القلق، ومن أخطر الممارسات في هذا الصدد التجارة بالنساء والفتيات، فيما يعرف بدول العالم المتحضر! فصارت هذه الممارسات أكثر أنواع الإجرام المنظم انتشارًا، ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة يتم الاتجار كل سنة بما يزيد على سبعمائة ألف امرأة واستغلالهن بصورة بشعة، ويعاملن معاملة وحشية، أما قضايا الاعتداء والاغتصاب والتحرش فحدث ولا حرج.
وحسب دراسة كندية نشرت فإن ثلثي النساء المغتصبات واللائي تعرض للتحرش الجنسي يلجأن إلى الطبيب أكثر من مرة.
ويذكر أن قضايا العنف ضد النساء تكلف الحكومات الأوروبية أموالاً طائلة، وتدفع سويسرا سنويًا حوالي 270 مليون يورو تمثل كلفة المحاكم وبرامج التأهيل والعلاج الخاصة بمثل هذه الحالات.
وفي تقرير للبنك الدولي أن واحدة من كل خمس سيدات يتعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي، وتقول التقارير الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية: إن هناك امرأة تتعرض للضرب كل خمس عشرة ثانية، وأن سبعمائة ألف يتعرضن للاغتصاب سنويًا، بينما يتعرض 40% من نساء الهند للضرب والصفع أو الاعتداء الجنسي..
وأوردت إحصائيات دولية أن عدد النساء اللاتي يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن بلغ 30%، ويقدر عدد الزوجات اللاتي تعرضن للعنف الجسدي في أمريكا بـ 1.8 مليون سنويًا، وفي فرنسا 95% من ضحايا العنف من النساء: 51% منهن يتعرضن إلى عنف الأزواج، وفي كندا يمارس 6% من الرجال العنف ضد زوجاتهم، وفي الهند هناك 8 نساء من كل عشرة ضحايا للعنف، وفي البيرو 70% من الجرائم المسجلة لدى الشرطة ضحايا نساء تعرضن للضرب من أزواجهن.
وتواجه الحكومة الفرنسية مشكلة اجتماعية خلقية، حيث أكدت مصادر رسمية أن قرابة نصف مواليد فرنسا «أطفال زنى، أنجبتهم أمهاتهم عبر علاقات غير شرعية محرّمة وخارج نطاق الأسرة».
وأفادت دراسة تحمل عنوان «تاريخ العائلات» أصدرها المعهد الوطني للدراسات السكانية أن من بين كل ثلاث زيجات تنتهي أكثر من واحدة إلى الطلاق، ما يؤدي إلى علاقات خارج مؤسسة الزواج التي ينتج عنها الإنجاب.
وأدى انتشار الطلاق إلى زيادة الأسر ذات العائل الواحد لتصبح أسرة واحدة من بين كل ست أسر، في حين زادت كذلك أعداد الأسر التي تتشكل من جديد في أعقاب وقوع الطلاق مع بحث كل طرف عن شريك آخر .
وتشير التقديرات الجديدة في فرنسا إلى تنامي ظاهرة العلاقات غير الشرعية، وتوليها المكانة الأهم في إطار العلاقات الجنسية بين النساء والرجال، ما يعني انهيارَ منظومة القيم الأخلاقية والعائلية، يحدث هذا في بلد هو رائد الحداثة والعلمانية، ليكون بذلك هو أول من يصلى بنار منظومة القيم والأخلاق الجديدة التي أفرزتها الثورة الفرنسية وأقرتها بعد ذلك المنظمة العالمية لحقوق الإنسان.
وفي لقاء أجري مع الكتابة الفرنسية (فرانسواز) وعند سؤالها عن سبب سخريتها في كتابتها من حركة تحرير المرأة؟ أجابت «فرانسواز ساجان»: من خلال نظرتي لتجارب الغالبية العظمى من النساء أقول: «إن حركة تحرير المرأة أكذوبة كبيرة اخترعها الرجل ليضحك على المرأة».
هذا ما تورده الدراسات الرسمية، وما تعترف به الدول من جرائم ترتكب ضد المرأة، أما ما خفي فهو أدهى وأمر، وما تعانيه المرأة في الدول الغربية من امتهان لكرامتها تحت مسميات أخرى وتحت وطئ التهديد أو الإغراء المالي فهو لا يقل بشاعة عن الصور التي نقلتها التقارير عن العنف الجسدي..