يحدث أن تستثيرك أشكال الظلم والاضطهاد بعالمنا الكئيب، فتحاول التنفيس عن كربك ببضع كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع، أن تمارس مقاومتك لهذا التيار الجارف بحروف صامتة تستنكر كل امتهان لحقوق الإنسان. أن تمارس خُلّة من الخلال التي ميزك الله بها كمسلم، فتنكر المنكر وتستهجن كل فعل قبيح حتى لا يسري عليك قول الحق سبحانه: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه)، فيخالك بعض القوم تُمارس شكلا من أشكال العنترية، تستعرض عضلاتك بوجه سافر، وتحاول أن تظهر بصفة البطل في زمن اعتاد الكلّ فيه تنكيس رأسه والسباحة مع التيار.
لماذا يُصادر حقّ المرء في التعبير عن رأيه، مع أنه مبدأ أساس من مبادئ حقوق الإنسان؟
لماذا كلام الحق يقود أربابه للسجون، وكلام الباطل الكل به مفتون؟
مؤخرا تم اعتقال الروائي الشاعر أيمن العتوم بسبب روايته “حديث الجنود” وقبله قادت كتابات أصحابها للاعتقال، فذاقوا فنون القهر والإذلال ظلما وعدوانا؛ حتى قال د. العتوم: (أن تكون كاتبًا في الوطن العربي معناه أن تُعامل كمجرم).
فهل رصاصات الكلام نافذة حدّ إثارة الهلع وتحريك المساطر القانونية؟
فضاءات التواصل غدت بالنسبة للكثيرين متنفّسا للبوح والتعبير عن الرأي، والكثير ممن يعبّر عن رأيه في قضايا معينة يعلم يقينا أنّ رأيه لا يعدو أن يكون منشورا يبصره عدد من الأصدقاء قد يعدون بالمئات لكنه لا يعدو أن يكون كلاما تطويه الأيام بعد تتابع المنشورات المختلفة.
فلماذا تصرّ بعض الدول على تقفي أثر منشوراتٍ أثرُها باهت في الحياة العامة؟
لماذا التشجيع على نشر ثقافة التفاهة والسلبية والجبن واللامسؤولية؟
لكأني بالقوم ينادون فينا: انشر كلام الغرام فما عليك ملام.. وانشر كلاما في الرياضة فتلك لعمري للقوم إفادة.. ولا بأس ببعض الرقائق والعظات لجني بعض الحسنات.. وعرج على أخبار الفن والغناء وكُفّ عن نفسك أيّ عناء، وحاذر أن تتكلم في السياسة إن شئت أن تبقى آمنا بعيدا عن أيّ حراسة!!