لا يفعل الله إلا خيرا… ورب ضارة نافعة…
وإذا أراد الله نشر فضيلة — طويت أتاح لها لسان حسود
شاء الله أن يجعل لفضيلة الستر والنقاب سببا لم يخطر على بال لتكون حديث العامة والخاصة بعد سكوت طويل وإعراض مريب، وتشويه مقصود، وتنقيص متعمد…
ولأن أمر الله كله خير؛ فقد كان لهذا القرار الشارد آثارا إيجابية ومكاسب مرضية، ومما أستحضره في هذا الباب أن القرار هو تعبير عن فشل في تحقيق المراد عبر حملة فكرية وثقافية تشويهية أنفقت فيها أموال طائلة ولعقود مديدة، لم تعط النتائج المرجوة عند القوم، وإن كان الواقع يؤكد أنهم حققوا ما لم يكن بحسبان الشرفاء من هذا الوطن. وعند الحساب بدا أن عدد المنقبات بله المحجبات في ازدياد، فوقعت الصدمة. فالتجئوا إلى القوة، وبغض النظر عن مقاصد هذا القرار باعتبار التوقيت والوضع السياسي بالبلد، فلعل من حكم الله أن يأتي قرار المنع بالقوة لتحقيق ما يلي:
– التمحيص والتصفية حتى لا يبقى من جموع المنقبات إلا الصادقات المخلصات، ولا سيما وقد دخل بينهن من شوه هذا اللباس الإسلامي الأصيل، فجلب للمنقبات العفيفات التهمة والريبة.
– الثبات على النقاب من طرف أخواتنا المنقبات الصادقات، إذ الشدة لا تزيد المؤمن إلا ثباتا، وقوة على السير والمضي قدما إلى جنة حفت بالمكاره، وتجنبا لنار حفت بالشهوات، وحتى تعلم المنقبة أن طريقها مليء بالشوك والعقبات، وأن عملها هذا لا يقدر عليه إلا من صدق الله في هذا الزمان؛ زمان الغربة. وأن لباسها له أعداء كثر، يغيظهم ستر جسدها وإخفاء زينتها.
– إثارة الموضوع جعله حديث العموم في العالم الواقعي والافتراضي، في المقاهي والأسواق والحمامات والمدارس، يتحدث عنه الكبير والصغير والرجل والمرأة والمتزوج والأعزب، والشباب والشيوخ. فوصل الحديث على النقاب والحجاب والستر والعفة والحشمة والتبرج والسفور والعري… إلى جل الفئات، وهو ما لا يستطيعه المصلحون مهما حاولوا.
– ترتب عنه حمل الكثير على البحث والمطالعة وهو أمر لا شك أنه سيحمل كثيرا من المسلمات على الاقتناع كما اقتنع قبلهن غيرهن بالنقاب، وأن يخترنه لباسا شرعيا يتقربن به إلى الله.
– إذكاء جذوة الغيرة في نفوس الرجال، وهم يعلمون أن هناك من يتربص بأعراضهن، ويسعى إلى كشف نسائهن ونزع لباس الحياء والوقار عنهن.
– مزيد فضح للعلمانيين، الذين هم على مرّ التاريخ أعداء للعفة والفضيلة والحجاب، ولا أدل على ذلك من تحذير الله منهم عقب أمره بالحجاب في سورة الأحزاب. حيث قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59) لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا(60)}.
– فرصة لدحض كل الشبهات التي أثيرت وكانت تثار حول الحجاب والنقاب من طرف المغرضين وإزالة أثرها من عقول المسلمين عموما والناشئة خصوصا. والتي فتحت أعينها على مظاهر من الانحلال والمجون.
– فضح كل الأبواق العلمانية والحقوقية التي تتغنى بحقوق الإنسان، ومعزوفة الحرية الملغومة، حيث أظهر القرار أن دفاعهم عن الحرية لا يتجاوز حرية المجون والانحلال والتهتك والانحراف الفكري والسلوكي والعقدي… أما حرية العفاف والستر فهم سيوف مصلتة وأقلام سيالة لمحاربتها ومواجهتها ومباركة قرارات منعها.
– توحيد كلمة العلماء والدعاة والمصلحين نحو هدف واحد، وقضية واحدة تعد من أهم قضايا الأمة، إنها قضية المرأة وما تتعرض له بجهود جبارة لقطع صلتها بدينها وما يدعوه إليها من الحياء والوقار، وباعتبارها صانعة الأجيال وأن إفسادها إفساد لأجيال كاملة.
هذا ما ظهر لي وما يظهر لغيري لا شك أنه كثير وعظيم. وإن الله إذا قضى أمرا فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، حتى إنه لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر.