هناك ثلاث علامات كبرى تنبأ بها الصديقون المتصوفة اليهود، أولها حصول أزمة اقتصادية عالمية حقيقية، والثانية عدم القدرة على تكوين حكومة إسرائيلية، والثالثة الحرب مع ملك الفرس أي إيران، سواء كان البدء منها أو من إسرائيل أو من الولايات المتحدة الأمريكية، وهم اليوم يؤكدون على قرب ظهور المسيح اليهودي بعد المناوشات الإيرانية الأمريكية الأخيرة! |
اليهود…الفرقة والشتات
من مميزات الشعب اليهودي كثرة ما ناله من تضييق وتشتيت وطرد وملاحقات، فقد شتت الشعب اليهودي أربع مرات، ودمر هيكلهم الكبير مرتين، وبلغت أفواج الهاربين واللاجئين أطراف الدنيا في أفريقيا الجنوبية والهند وشمال أفريقيا وغيرها، وكونوا في كثير من بلدان هذه الجهات مجموعات منغلقة في غالب الأحيان، وكان لهم تأثير كبير على الثقافات التي يلجونها ويعايشون أهلها، وكان من ذلك من يذكره بعض الأحبار اليهود من اصطحاب الرومان لشباب يهود عند تدمير الهيكل الثاني إلى فرنسا، للاستعانة بهم في محاربة المتمنعين من التحصينات السكان الأصليين الغاليين، ومنذ ذلك الوقت استوطن اليهود فرنسا.
يهود فرنسا
استوطن هؤلاء المجندون اليهود في الجيش الروماني في مناطق “Aubbagne” و”Marseille” وغيرها، وبقيت فيها جماعات يهودية إلى اليوم وتطورت، وهي مكون أساس لمجموع يهود فرنسا، ومن الغريب أن النشيد الوطني الفرنسي الحامل للرمزية العلمانية الفرنسية منسوب إلى مارسيليا، ويهود فرنسا اليوم كثير، وقد هاجر كثير منهم إلى إسرائيل.
لعل كثيرا منا يعرف قصة أستيريكس وقبيلته، والوصفة السحرية التي كانت تمكن رجال القرية من هزيمة الفيالق الرومانية، لكن الذي لا يعرفه كثير من الناس أن كاتب القصة المشهورة يهودي، وكان قصده أن يحكي قصة اليهود في فرنسا، وكانت الوصفة السحرية رمزا للتوراة وقدرتها العجيبة في هزم الأعداء.
الأشكناز.. والسفارديم.. والفلاشا الأفريقية
لم يكن أحفاد هؤلاء المهجرين المجندين المصدر الوحيد ليهود فرنسا، بل ثم مصدر آخر مهم جدا وغريب، وهم يهود إسبانيا الذين هاجروا إلى شمال أفريقيا في أيام حرب الاسترداد القوطية، ثم انتقل عدد منهم أيام الاحتلال الفرنسي وبعده إلى فرنسا من يهود الجزائر والمغرب وتونس، وهم يهود السفارديم الإسبانيو الأصل، وهم مع يهود الأشكناز ذوي الأصول الشرقية أكبر المكونات العرقية اليهودية في العالم، ولعل الأشكيناز هم الأغلبية الكبيرة والمهيمنة بثقافتها وتقاليدها وعقائدها على الفكر اليهودي المعاصر، وهم حاملو الفكر الكابالي، والذي يعني التصوف اليهودي.
الكابالا…التصوف اليهودي
تعد الكابالا اليهودية نوعا من التصوف في الفكر اليهودي، وهي مدرسة باطنية تفسر نصوص التوراة بطرق التأويل الرمزي، وفيهم أحبار متنبؤون معدودون من الأولياء المكاشفين، وفيهم أندلسيون عاشوا في زمن الحكم الإسلامي كما عند حايين زفراني، وعنهم صدرت تنبؤات تخص ظهور مسيح اليهود الذي يحكم العالم، ويقود اليهود إلى محاكمة من ظلمهم، ويجتمع حوله الأمم رغبة في التوبة إلى الله، ومن أشهرهم في هذا المسمى عندهم “Obadia” أي عوبديا! والذي ينص على أن الخلاص اليهودي سيكون على يد يهود “Sepharad”، أي يهود فرنسا كما يقول المعلقون على “نبوءة عوبديا” المكونة من 21 فقرة.
الصهيونية.. بين باريس وواشنطن
كنت قد نشرت مقالا عن الصهيونية النصرانية الأمريكية، وما تؤمن به من نزول المسيح في إسرائيل، بعد بناء المعبد اليهودي، واندلاع حرب الهرمجدون بين النصارى وأعدائهم بعد حصول المحرقة العالمية التي يكون ضحيتها اليهود أولا، وقد فسر ذلك باستعمال السلاح النووي، لكن الغريب أن اليهود الصهاينة هم أيضا ينتظرون ظهور المسيح، والقائم بهذا الأمر هم يهود الكابالا المتصوفون، فإنهم يعتقدون بنبوؤات أوليائهم بعلامات تدل على قرب ظهور المسيح اليهودي والذي سيكون من السفارديم من نسل الملك داود عليه السلام.
يروج حاخامات وأحبار يهود كاباليون أشكناز على وجه الخصوص لقرب ظهور المسيح، ويؤكدون على أن قيام هذا الأمر سيكون من فرنسا مطابقة لنبوءات قديمة، ولذلك يحضون يهود فرنسا على الهجرة إلى إسرائيل، ويوفرون لهم السكن والعمل والدراسة والتكوين التوراتي استعدادا للقومة اليهودية، وبناء المعبد الثالث بالقدس، وسيكون ليهود فرنسا الفضل في إظهار المسيح وإنقاذ البشرية في زعمهم.
هناك ثلاث علامات كبرى تنبأ بها الصديقون المتصوفة اليهود، أولها حصول أزمة اقتصادية عالمية حقيقية، والثانية عدم القدرة على تكوين حكومة إسرائيلية، والثالثة الحرب مع ملك الفرس أي إيران، سواء كان البدء منها أو من إسرائيل أو من الولايات المتحدة الأمريكية، وهم اليوم يؤكدون على قرب ظهور المسيح اليهودي بعد المناوشات الإيرانية الأمريكية الأخيرة!
المسيح اليهودي.. من المغرب
ينص بعض الباحثين في الخلاص اليهودي والمسيحية اليهودية أن المسيح المنتظر سيكون من السافارديم الذين استوطنوا فرنسا زمن الاحتلال الفرنسي للمغارب الثلاث، ويقولون، إنه سيكون من الجزائر أو المغرب أو تونس، وبجمع الحروف الثلاثة للدول الثلاثة نحصل على كلمة: أمت، وتعني بالعبرية الحقيقة، وهذه من إشاراتهم الكابالية!
أخيرا..!
سواء كان ما يروجه هؤلاء الحاخامات خرافات متكلفة الاستنباط، أو كانت عقيدة يهودية أصيلة، فإن لوازمها خطيرة ومثيرة في آن، فإن علمنا شدة ولاء هؤلاء لإسرائيل، وحرصهم على توظيف الدولة الفرنسية لتوفير القوة لدولتهم القائمة على الغصب والإرهاب، فلنا أن نتساءل كثيرا عن دور هذا النوع من اليهود الأشكناز في استثارة إخوانهم السفارديم على العالم؟ وما علاقة رؤساء فرنسا بالمشروع الكابالي الفرنسي؟ وما الذي يمكن أن تفعله شبكات التصوف الكابالي في حشد يهود العالم لنزوح جديد نحو إسرائيل استعدادا للحرب وقيام المسيح المخلص، والبدء في محاسبة “الغرب” على جرائمه في حق اليهود.
فاللهم سلم سلم!