مقدمة وتذكير:
بيّنا في الجزء الأول من هذا المقال خطر ظاهرة زنا المحصنين (الخيانة الزوجية) وخطرها على المجتمع المسلم، وأن الذين أشعلوا أوراها هم أصحاب الفكر الجنسي المتحرر، الذين اتخذوا الحرية الشخصية قيمة فوق كل القيم، فأجازوا بها فعل الفواحش والمنكرات، إذ لا قيد شرعي أو عرفي يعتدي عندهم على الحريات وعلى رأسها حرية الجسد، بعد ذلك عرجنا على ذكر مفهوم الخيانة الزوجية وأنها من فعل أهل الجاهلية سواء في القرون الأولى أو في الغرب الحاضر، الذي يعتبرها من مألوف السلوكات، ولا يعاقب عليها، ثم أطلنا في ذكر أسباب هذه الموبقة والمعصية الكبيرة، إذ أسبابها كثيرة، وفي التتمة سنبين العواصم والوسائل التي تقي الأسرة المسلمة من هذه الفاحشة، فإليكم العواصم:
ج- العواصم من الخيانة والزنا:
قد وضع الإسلام حدودا وموانع وعواصم تحد من الوقوع في الخيانة الزوجية والزنا عموما، منها:
1- تيسير الزواج لكل الفئات التي تستطيع الباءة، لأنه لا يمنع من الزواج إلا عجز أو فجور، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي الزوائد.
2- اختيار ذات الدين، وصاحب الدين في الزواج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “فاظفر بذات الدين تربت يداك” متفق عليه، وقوله عليه الصلاة والسلام: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” حسنه لغيره الألباني -رحمهُ اللهُ- في الصحيحة رقم:1022.
3- المعاشرة بالمعروف، قال الله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، أي بالإجمال في القول والنفقة والمبيت، فيتعين على هذا تلبية حاجة كل من الزوجين وخاصة في الفراش.
4- حل المشاكل الزوجية في الوقت المناسب قبل استفحالها، وعلاجها في بداية ظهور أعراضها الأولى.
5- تقوى الله عز وجل وعليها المعول فيما تقدم وما تأخر من العواصم، لأن مراقبة الله عز وجل وخشيته وخوفه في السر والعلن، هي التي تضبط العبد وتجعله عبدا صالحا مصلحا لا فاسدا مفسدا، وأما مراقبة العبد للعبد فهي ناقصة مهما تطورت الوسائل، ومما يستأنس به في هذا الباب أن لفيفا من علماء النفس يرون أن ظاهرة الخيانة الزوجية تكثر في غير المتدينين والمتدينات، ولهذا فالمجتمعات الإسلامية ومنها المجتمع المغربي تستكبر الخيانة أكثر إذا صدرت ممن له سمات التدين، لأنها غير مألوفة عندهم في هذا الصنف.
6- التوبة إلى الله من جميع الذنوب العامة والخاصة وبالأخص إطلاق البصر في المحرمات، والدخول على النساء غير المحارم والخلوة بهن، والكلام المريب الذي لا تدعو الحاجة إليه مع النساء الأجانب غير المحارم، وكل ما من شأنه أن يكون مقدمات للخيانة الكبرى من ترنيم وتغنج وتصنع وغناء محرم وتغزل وما إلى ذلك، لأن التوبة تجب ما قبلها من الذنوب وتمحو آثارها إذا كانت توبة صادقة نصوحا.
7- الرعاية والمحبة بين الزوجين والمودة والرحمة، لأن الحياة الزوجية تعتريها كثير من المشاكل العارضة، وإذا كان تشحيم الآلات الميكانيكية يحد من آثار احتكاك الحديد بالحديد فإن المودة والرحمة والصبر بمثابة ذلك تحد من آثار المشاكل الزوجية وتجعلها تمر بأمن وسلام.
8- تشديد الرقابة على الإعلام المقروء والمسموع والمرئي وخاصة القنوات والانترنت فإن إطلاقهما بدون رقابة يهدد الأزواج والأسر والمجتمع كله، فهذا زمن العولمة التي قد هجمت علينا في بيوتنا بدون استئذان، فلا بد من تكييفها مع ديننا وأعرافنا ووطننا، وإلا فالترك أسلم، ولكن يصعب تصوره واقعا.
ومن المفارقات العجيبة أن مبدعي العولمة ومطوريها قد جعلوا لها بعض التقنيات والضوابط لمعرفتهم بخطورتها إذا أطلقت، بينما التبعيون لهم يستخدمونها استخداما فوضويا، فلا وقت للعبادة ولا للأكل ولا للنوم ولا للدراسة بل يستخدمونها كل وقت وحين.
9- الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل في الأسحار وبالعشي والإبكار، أن يجنب رجال المسلمين ونساءهم مما يشينهم من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
والله العاصم من كل سوء..