كحال جل التيارات الأخرى، فالتيار العلماني بدوره ينتسب إليه “الصڭوعة”، ممن يفضلون البوح بقناعاتهم دون مواربة؛ ومهما كانت العواقب، وينتسب إليه أيضا من اختار “سياسة التورية”، وعدم الإعلان عن كل ما يعتقد ويتبناه من أفكار.
فكما يوجد ضمنهم مثل سيد القمني، الذي صرح بأنه “كافر” لا يؤمن بالإله، وأعلن أنه يشك في الأديان والأنبياء والقرآن، يوجد غيره ممن اختار سلوك دروب النفاق المظلمة، ممن لا يبوح بعقيدته، ويكرر في غير ما مناسبة أن الدين صناعة بشرية، ولا دين مُقدَّس يستحيل تغييره ورفض شرائعه، وأن المشكلة ليست في المسلمين فقط بل تكمن في صميم الدين الإسلامي وبين ثنايا نصوصه.
ويطعن تباعا في عدد من المسلمات وشعائر الإسلام كالإسراء والمعراج وصلاة التراويح وعيد الأضحى والحجاب وغير ذلك. وإزاء كل هذا الهجوم والإنكار للثوابت والبراءة من الدين، لا يجرأ أن يعلن عن قناعاته وموقفه من الإسلام، دون لف أو دوران.
وبين هؤلاء وهؤلاء يوجد بعض “المتركمجين” الذين يستغلون كل مناسبة يثار فيها موضوع الأخلاق والقيم والدين والأسرة، للهجوم على التيار الشعبي المحافظ، بدعوى الدفاع عن “الحداثة”!!
فراكبو الأمواج هؤلاء، ممن يتحركون عبر منابر إعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي، تجدهم دائما من أتباع “جيلالة بالنافخ”، يسارعون إلى الهجوم أو الدفاع، حتى قبل أن يفهموا الموضوع ويدركوا حقيقة الأمر.
تماما كما وقع لبعضهم خلال الغزوة التي شنوها دفاعا عن حلوى “ميراندينا”، التي استهدفت الطفولة بشكل وقح، ووظفتها لمصالح الليبرالية المتوحشة، ما تسبب في موجة انتقاد كبيرة طالتهم، شارك فيها منتسبون للتيار العلماني نفسه، على اعتبار أن القاصر الذي لم يبلغ سن (18 سنة) لا يحق لأي طرف توظيفه خدمةً لأي جهة كانت، هذا وفق للمرجعية اللادينية طبعا، أما المرجعية الشرعية فأمرها بيِّن وواضح.
المثير فعلا في موضوع من يهاجم الشعائر الدينية، من المتركمجين، أن تجدهم يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي، فلا هم ملتزمون بالمرجعية اللادينية، وفق قواعدها وأصولها، ولا هم مع تامغربيت بهويتها وعراقتها وانتمائها العميق.
فهم خليط هجين يمكن أن تتوقع منهم كل شيء، لأنهم وباختصار منساقون وراء العواطف، ويحاربون بأعين مغمضة عن قناعات، ربما كانوا قد تأثروا بها في مرحلة ما من شبابهم، لكنهم ومع مرور الأيام، لم يقتطعوا وقتا ليراجعوها، ولم يعطوا أنفسهم فرصة للبحث، كي يدركوا باختصار، أن الأخلاق والدين والقيم الإسلامية، ليست حكرا على تيار أو دعوة أو جماعة، والمغاربة حين يدافعون عنها فهم يصدرون فقط عن مرجعيتهم التاريخية وانتمائهم الديني، لا عن شيء آخر..