فشو الفعل المنافي للدين هل يجعله مباحا؟ عبد الصمد إيشن

تزداد يوما بعد يوم مظاهر الانحراف الخلقي سواء تعلق الأمر بانتشار المخدرات التي تنامت بشكل كبير في الأوساط التعليمية أو مظاهر التعري وبث الانحلال الخلقي عبر المهرجانات الفنية التي يدعي مقيمومها أنها تأتي في سياق احترام الذوق الفني، وهو أمر دفع بأحد الفنانين الأجانب إلى التعري على الركح تفاعلا مع فنه، أو حالة الفنان الذي يشهر المخدرات علنا على منصة مهرجان رسمي.

أمام هذه الارتدادات يظهر كأننا في بلد يتناسى بوصلته أو مرجعيته الثقافية والقيمية. فالمغرب لم يكن مغرب “العري والمخدرات والدعارة والفن المتسخ” بل كان بلد الصالحين والفقهاء والعلماء والمفكرين على مر التاريخ، بل المواطنين الصالحين والمتقين. فلا يحق لمن يصطاد اليوم في الماء العكر أن يدنس تاريخنا ومسيرتنا الحضارية.

نعم قد نُهزم استعماريا أو نتردد في مسيرتنا التنموية ولكن لم نتخلى يوما عن مرجعيتنا الحضارية والقيمية، نحن مغرب 12 قرن، من العلم والتسامي والأخلاق الرفيعة والذوق السليم. لم نكن في يوم من الأيام متساهلين مع من يمس لنا أعيننا الحضارية: الدين والوطن والدولة والأخلاق والتاريخ والذاكرة.

التساهل اليوم مع من يخدش الحياء العام للمغاربة هو بمثابة فتح قوس لكل مظاهر التطاول على أمننا القيمي والأخلاقي. وبالتالي نكون أمام جيل لم يتلقى التربية والأخلاق، أمام جيل لا أسرة فيه ولا المدرسة تربي. أمام جيل قدمنا استقالتنا الجماعية من التربية والتشئة أمامه بدعوى العجز والتساهل مع التيار الجارف.

الوضع مقلق، ويزداد يوما بعد يوم، إذ لا نملك إلا التنديد والتنبيه لخطورة مظاهر الانحلال الخلقي في الفضاء العام. ما معنى أن نسمح للقاصرين بامتلاك حسابات على ماوقع التواصل الاجتماعي يجولون فيها ويفعلون ما يحلو لهم من رقص ومجون وتجشيع على الإيحاءات الجنسية نهارا جهارا.

ما معنى أن نتساهل مع من يروج المخدرات بشتى أنواعها أمام المدارس والمؤسسات التعليمية دون حسيب أو رقيب، أليست النتيجة في النهاية هي ضرب المجهود التربوي المبذول من طرف الأسر والأساتذة في الصفر.

لقد بكى أحد الآباء بحسرة وهو يحكي كيف وصل للباب المسدود بعدما انتقل أبناؤه من التعليم العمومي إلى التعليم الخصوصي، مخافة انحرافهم في ذلك الوسط أو سقوطهم ضحايا للتعليم العمومي، ليقول في النهاية أن التعليم الخصوصي بنفسه اليوم بالمغرب لم يعد آمناً. حيث تتكرر فيه مظاهر العري والمخدرات والشذوذ الجنسي والانحراف بوسائط ناعمة في غالب الأحيان.

أنا لا أعمم ولا أتهم أحدا بل ولا أحمل المسؤولية لأحد، فالتقصي والتحري دور مؤسسات الدولة أما الفاعل الإعلامي لا يملك إلا قلما يشخص به ويحذر من الواقع المخزي أو المستقبل المظلم الذي ينتظر الجميع في حالة استمرارنا على نفس الخيار.

في النهاية “روتيني اليومي” و”حشيش طوطو” و”العري والجنس” و”الشذوذ” لن تكون إلا عناوين لظاهرة أسوأ هي التغاضي عما يقع بدعوى أننا بعيدون كل البعد عن ساحة المعركة. لكن العكس هو الحقيقة ابنك غدا أو أخوك أو أنت من ستكون الجثة الضحية لا الجريح الضحية، في هذه المعركة. وبالتالي كل المسؤولية إزاء ما يقع، مواطنين ومسؤولين، إن أمننا القيمي والأخلاقي في خطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *