الشيخ الكتاني*: ليس هناك شيء اسمه مشرقي ومغربي، فالعلم والثقافة أمور مشاعة والناس يؤثر بعضها في بعض ويستفيدون من منتجات بعضهم

سؤال:
كثيرا ما يتحدث ما عن غزو مشرقي للتدين المغربي، فما هي أوجه الخلاف الكبرى المستنكرة بين المذهب المالكي والحنبلي؟
جواب:
قضية التدين المشرقي مجرد خرافة يتناقلها العلمانيون ومن تأثر بهم، لأن المغاربة دوما يتابعون المشارقة في تدينهم، إذ الإسلام جاء من المشرق، والمذهب جاء من المشرق، والفقه والاعتقاد والسلوك كل ذلك جاء من المشرق.
ومن الاسماء الشائعة عند المغاربة (الشرقي) إشارة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فالإمام مالك حجازي، وكبير أصحابه ابن القاسم مصري، والمختصر الفقهي الذي اعتمده المغاربة لقرون وهو مختصر خليل فكاتبه مصري كذلك، وأبو الحسن الأشعري عراقي والجنيد عراقي كذلك.
وفي الحقيقة ليس هناك شيء اسمه مشرقي ومغربي، فالعلم والثقافة أمور مشاعة والناس يؤثر بعضها في بعض ويستفيدون من منتجات بعضهم مادامت صالحة لهم.
وهذا لا يمنع أهل المغرب من الاهتمام بعلمائهم وتراثهم ومراعات ما جرى به العمل عندهم بضوابطه المقررة عندنا. كما لا يمنع من الاهتمام بالمذهب السائد تدريسا وتعليما بل هذا هو الذي ينبغي كما قرره أئمتنا.
وأول من نخاطبه بكل ذلك مخالفونا من العلمانيين والإسلاميين، فإن التغريب والتفرنج هو المرفوض ما لم يكن من وسائل الحضارة المشتركة. أما التقاليد الفاسدة والعقائد الضالة فمرفوضة. وكذلك الأزياء الغريبة الفاضحة والمشوهة مرفوضة.
الحقيقة هي أننا نعاني من غزو تغريبي إفرنجي ينال من ديننا وعقائدنا وعاداتنا وأعرافنا وأزيائنا؛ بل ولغتنا ومفاهيمنا، وهو الأجنبي عنا والغريب الذي يجب مواجهته ورفضه.
ومما لا يعلمه كثير من الأجانب عن الفقه الإسلامي، وأعني غير المتخصصين، هو أن أقرب المذاهب لبعض هما المالكي والحنبلي، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية استفاد كثيرا من المذهب المالكي، بل وكتب يرجحه على غيره، كما أنه استفاد في كثير من اختياراته من اجتهادات أئمة المالكية.
وأيضا فأصول المالكية والحنابلة كالمصالح المرسلة، وسد الذرائع، وعمل أهل المدينة، وغيرها.. واحدة، والحنابلة استفادوا من الفقه المالكي في المعاملات والقضاء وطوروه.
فالقول باختلاف المذهبين قول جاهل لا يفقه صاحبه ما يقول، أو قول من لا يقبل الفقه الإسلامي كله ولكن يغطي مقالته الفاسدة بكونه يرفض مذهب الحنابلة أو الوهابية أو المشارقة.
ومما يجدر ذكره أن المالكية أشد من الحنابلة في موضوع البدع، بل الحنابلة المتأخرون اعتمدوا على كتب المالكية في تقرير كلامهم، كالاعتصام للشاطبي، والبدع لابن وضاح وأبي بكر الطرطوشي، والمدخل لابن الحاج العبدري.. وغير ذلك كثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* الشيخ الحسن الكتاني: رئيس الرابطة العالمية للاحتساب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *