لقد جاء الوقت لكي يكفِّر المسئولون عن أخطائهم اتجاه أخلاق المغاربة وقيمهم ولعلها البداية من البيان الصادر الذي ينبغي أن يضع في الحسبان أن محاربة الفساد والمحافظة على الأمن الأخلاقي تبدأ من جزئيات تشكل في نهايتها كليات هي الكفيلة بتحقيق الهدف المنشود؛ فالله تعالى لما أراد محاربة الزنا حرم التبرج وأمر بغض البصر ونهى عن الاختلاط وغير ذلك مما يراه دعاة الحداثة تشددا وغلوا، وإنما هي حكمة العليم الخبير لقطع الطريق أمام كل مكلف حتى لا يقع في المحظور الكبير.
كثيرة هي الظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلى معالجة لكن كل محاولة من هذا القبيل تبقي سطحية ولا تنفذ إلى أعماق المشكل لتستأصله من جذوره وتقوي المناعة ضده. فكم مرة حاولت الدولة أن تضرب على يد العابثين بالأخلاق والقيم لكن تبقى حملات محدودة الأثر، لا تعدوا أن تكون إطفاء للحريق المتكرر دون النظر في سببه، أو معالجة لأثر المرض دون استئصاله، لكن هذه المرة يبدو أن المسئولين ربما أصيبوا بصحوة ضمير أو أدركوا أن الخرق اتسع ولابد للراقع من جهد مضاعف لإدراك ثوب الأخلاق الممزق من كل الأطراف وهو ما يدل عليه بيان الداخلية الأخير -التي تشكر عليه كثيرا- والذي انتظرناه من زمان ونحن نرى الإفلاس الأخلاقي يحيق بنا يوما على يوم وسنة على سنة فمظاهر الانحراف لم تعد تخفى على أحد والجرأة في انتهاك الأخلاق تزداد يوما على يوم وبلا حدود.
لربما أدرك المسئولون أن الدولة أصبحت على خطر عظيم بعد أن أصبح أهل الفساد والمتمردون على الأخلاق يسعون لتقويض كيانها وإثارة القلاقل الأمنية التي نحن في غنى عنها فبادرت إلى بيان نتمنى أن يترجم إلى أفعال تعيد للدولة هيبتها وللشعب كرامته التي استبيحت في الداخل والخارج حتى صار اسم المغرب لصيقا بالدعارة واللواط والمخدرات…
لقد ارتكبت أخطاء في الماضي والحاضر كانت سببا في استشراء هذا التدهور الأخلاقي وكانت ترعاه أطراف مسؤولة لأغراض وها قد انقلب السحر على الساحر.
كانت رعاية هذا الإفساد تتخذ أشكالا عدة من مسلسلات الفسوق والفجور وسهرات الخنا والخنوع ومهرجانات الميوعة والانحلال إلى برامج التمييع والاستلاب واحتفاء برموز التهور والانحراف (عبد الله الطايع ونور…) ودعما بأموال الشعب لمخرجين فاشلين يريدون أن يسطع نجمهم على حساب أعراضنا وأخلاقنا (فلم مروك وكزانيكرا وحجاب الحب…) وغض للطرف عن إعلام يعشق الفاحشة ويكره الفضيلة (جريدة الأحداث ونيشان ودوزيم…)
لقد جاء الوقت لكي يكفِّر المسئولون عن أخطائهم اتجاه أخلاق المغاربة وقيمهم ولعلها البداية من البيان الصادر الذي ينبغي أن يضع في الحسبان أن محاربة الفساد والمحافظة على الأمن الأخلاقي تبدأ من جزئيات تشكل في نهايتها كليات هي الكفيلة بتحقيق الهدف المنشود؛ فالله تعالى لما أراد محاربة الزنا حرم التبرج وأمر بغض البصر ونهى عن الاختلاط وغير ذلك مما يراه دعاة الحداثة تشددا وغلوا، وإنما هي حكمة العليم الخبير لقطع الطريق أمام كل مكلف حتى لا يقع في المحظور الكبير.
فمن هنا ينبغي أن تأخذ الدولة العبرة وتعمل قبل أي شيء على محاربة مظاهر العري والتكشف التي فاقت كل حدود المتوقع والتي لم تكن تخطر على بال فهذا التنافس المحموم بين النساء اليوم على إبداء أكثر مناطق الجسد إثارة لا يمكن إلا أن يساهم في ثورة على الأخلاق من خلال إثارة الغرائز مما يؤدي إلى الشذوذ والاغتصاب وانتهاك المحارم وغير ذلك من الموبقات التي يخرج بعضها من رحم بعض.
محاربة الفساد تبدأ من إغلاق الحانات والعلب الليلية التي تسهر الدولة على حمايتها. محاربة الفساد تبدأ من مكافحة الدعارة وأوكارها المصنفة وغير المصنفة والتي لا تخفى أماكنها على وزارة الداخلية. محاربة الفساد تبدأ من مواجهة مظاهر الفسوق التي تجتاح الشوارع والأماكن العامة في الشواطئ والحدائق والمنتزهات وغيرها مما أصبح وروده محرما على من في قلبه مثقال حبة من حياء وغيرة؛ حيث التقبيل والعناق والالتصاق على مرأى ومسمع من الجميع، محاربة الفساد تبدأ من منع الإعلام من الدعاية لكل ما يخدش الحياء ويربي على الفحشاء.
محاربة الفساد تبدأ من فك عقدة ألسنة العلماء والمصلحين ليتكلموا بصريح العبارة ويستنكروا بأوضح بيان هذا الواقع المؤلم ليقولوا كفى من الاستهتار بالأخلاق والقيم ليتكلموا في المساجد والمجالس والمدارس وفي كل مكان حتى يرتفع عن الشرفاء الضيم وتزول وصمة العار عن جبين كل مغربي صار متهما في عرضه بسبب تهور كثير من أفراده.
لقد أصبح الرعب والهم مخيما على قلوب الغيورين من جراء هذه الإباحية التي أصبحت السمة البارزة لكل المداشر والمدن ولاسيما السياحية منها.
لقد تضافرت الجهود وتكاتفت وتحركت الجمعيات المدنية والحقوقية وانتفضت الداخلية وتكلم المجلس العلمي والبرلمان والسياسيون وفتحت المحاكمات من أجل إغلاق دور القرآن بدعوى المحافظة على الأمن الروحي، وتم الإغلاق في مدن عدة بدعوى علاقتها بصاحب التفسير وأحرق الأخضر واليابس في مقابل فتح أوكار للخمور والفساد والقمار… فهل يا ترى ستسير فكرة المحافظة على الأمن الأخلاقي في نفس المنحى؟ أم أنها جعجعة بلا طحين وسحابة صيف عابرة؟ََ
نتمنى أن يخيب ظننا وتحقق الدولة جزءً ولو يسيرا مما حققته لما عزمت على إغلاق دور القرآن التي كان ينبغي رعايتها لمحاربة مظاهر الفساد التي أصبحت تؤرق الدولة حقيقة.
فهل ستغلِق وتمنع وتحجز وتُحاكم كل من له علاقة بنشر الفساد والرذيلة من قريب أو بعيد؟
ذلك ما ننتظره بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر.