رمضان هو الشهر التاسع في ترتيب الشهور التي هي عند الله اثنى عشر شهرا من يوم أن خلق الله السموات والأرض، قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} التوبة.
وهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن؛ قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة.
وهو: الشهر الذي جعل الله منه إلى رمضان ما بعده كفارة؛ فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر”.
وهــو الشهر الذي إذا دخلت أول ليلة من لياليه فتحت فيه أبواب الجنة؛ فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة”.
وهــو الشهر الذي جعل الله فيه لأصحاب الذنوب والخطايا المخرج وكذلك لطالبي الجنة والعلو في الدين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة؛ هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها؛ قالوا: يا رسول الله أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله؛ كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض؛ فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة؛ وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة” البخاري.
وعند مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه؛ ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
وهــو الشهر الذي جعل الله فيه العمرة كحجة ليس هذا فحسب بل كحجة معه صلى الله عليه وسلم؛ قال الصادق المصدوق: “عمرة في رمضان تعدل حجة” متفق عليه.
وفى رواية قال: “فإن عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي”. أي في الثواب لا في الفرض.
وقال ابن العربي المعافري: حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها.
وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد.
وهــو الشهر الذي جعل الله فيه ليلة هي خير من ألف شهر؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: “تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” البخاري.
وهـــو خير الشهور على المؤمنين وشر الشهور على المنافقين؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مرّ على المسلمين شهر هو خير لهم منه؛ ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه، إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل، ويكتب وزره وشفاءه من قبل أن يدخل، ذلك أن المؤمن يعدّ فيه النفقة للقوة في العبادة، ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم؛ فهو غنمٌ للمؤمن ونقمةٌ على الفاجر” (رواه أحمد والبيهقي من حديث أبي هريرة وضعفه الألباني في صحيح الترغيب).
ولو ظللنا نذكر فضل هذا الشهر الكريم لطال الكلام، ويكفي من السوار ما أحاط بالمعصم.