أخرجه ابن عدي (2/207) والعقيلي (2/230) والخطيب في تاريخ بغداد (9/364) وابن عبد البر في جامع البيان (1/7-8) والبيهقي في شعب الإيمان (1663) وغيرهم كلهم من طريق أبي عاتكة طريف بن سليمان عن أنس رضي الله عنه مرفوعا.
وفي إسناده أبو عاتكة: قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة (الميزان 3984).
*وله طريق أخرى: من رواية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العسقلاني بسنده عن الزهري عن أنس مرفوعا. (أخرجها ابن عبد البر في جامع بيان العلم، وذكرها ابن حجر في لسان الميزان1090) ولكن يعقوب العسقلاني قال في الذهبي كذاب (الميزان 9804).
*وله شاهد عن أبي هريرة من رواية أحمد بن عبد الله الجويباري عن الفضل ابن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا : ذكره ابن عدي في الكامل (1/178)، وقال في الجويباري: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده.
وقد سئل الإمام أحمد عن هذا الحديث (اطلبوا العلم ولو بالصين) فأنكره إنكارا شديدا (منتخب علل الخلال:63).
وقال فيه ابن حبان: “باطل لا أصل له”، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/347)، وقال العقيلي (196): “لا يحفظ (ولو بالصين) إلا عن أبي عاتكة وهو متروك الحديث”. وقال الألباني: باطل (الصحيحة416)، وقال مرة: موضوع (ضعيف الجامع: 906، 907).
وقد ورد في فضل العلم من الآيات والأحاديث ما يغني عن هذا الحديث الباطل الموضوع، نكتفي من ذلك بآية، وحديث صحيح.
• فأما الآية: فقوله تعالى: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالِقسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ).
قال ابن القيم رحمه الله: “استشهد سبحانه بأولي العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده فقال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط) وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه:
– أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
– والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
– والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
– والرابع: أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول…
– الخامس: أنه وصفهم بكونهم أولي العلم، وهذا يدل على اختصاصهم به، وأنهم أهله وأصحابه ليس بمستعار لهم.
– السادس: أنه سبحانه استشهد بنفسه، وهو أجل شاهد، ثم بخيار خلقه، وهم ملائكته والعلماء من عباده، ويكفيهم بهذا فضلا وشرفا.
– السابع: أنه استشهد بهم على أجل مشهود به وأعظمه وأكبره وهو شهادة أن لا إله إلا الله، والعظيم القدر إنما يستشهد على الأمر العظيم أكابر الخلق وساداتهم.
– الثامن: أنه سبحانه جعل شهادتهم حجة على المنكرين؛ فهُم بمنزلة أدلته وآياته وبراهنيه الدالة على توحيده.
– التاسع: أنه سبحانه أفرد الفعل المتضمن لهذه الشهادة الصادرة منه ومن ملائكته ومنهم، ولم يعطف شهادتهم بفعل آخر غير شهادته، وهذا يدل على شدة ارتباط شهادتهم بشهادته، فكأنه سبحانه شهد لنفسه بالتوحيد على ألسنتهم، وأنطقهم بهذه الشهادة، فكان هو الشاهد بها لنفسه إقامة وإنطاقا وتعليما، وهم الشاهدون بها له إقرارا واعترافا وتصديقا وإيمانا.
– العاشر: أنه سبحانه جعلهم مؤدين لحقه عند عباده بهذه الشهادة، فإذا أدوها فقد أدوا الحق المشهود به، فثبت الحق المشهود به، فوجب على الخلق الإقرار به، وكان ذلك غاية سعادتهم في معاشهم ومعادهم، وكل من ناله الهدى بشهادتهم، وأقر بهذا الحق بسبب شهادتهم، فلهم من الأجر مثل أجره، وهذا فضل عظيم لا يدرى قدره إلا الله، وكذلك كل من شهد بها عن شهادتهم فلهم من الأجر مثل أجره أيضا. فهذه عشرة أوجه في هذه الآية” (مفتاح دار السعادة 1/48-49).
• وأما الحديث، فقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ». (صحيح الجامع:6297).