مكانة “حرية الرأي” عند المفكرين الغربيين

كثير من المفكرين الغربيين والمسلمين يعدون حرية الرأي هي أهم أنواع الحرية، حتى قال وليام تشاننج عنها: «إنها أشد حقوقنا قدسية». (معنى الديمقراطية، صول بادوفر، ترجمة جورج عزيز:170).

وقال فولتير: «إني كاره لما تقول وأخالفك الرأي في كل حرف فيه؛ ولكني أقاتل حتى الموت في سبيل حقك أن تقوله». (النقد المباح في القانون المقارن؛ د. عماد عبد الحميد النجار: 36).
ويقول شاتوبريان: «إننا لا نفقد شيئاً إذا بقيت لنا حرية الرأي». (جرائم النشر:3، وحرية الرأي في الميدان السياسي في ظل مبدأ المشروعية 127).
ويجعلون أهم سبب للتقدم هو حرية الرأي فيقولون: إن التقدم قبل أن يدخل أمة يقف ببابها ويسأل هل عندكم حرية رأي؟ فإذا أجابوه بنعم دخل واستقر، وإن أجابوه لا ولى هارباً إلى غير رجعة. (النقد المباح في القانون المقارن: 15).
ويرى جون ميلتون: «أن البشر كلهم إذا آمنوا برأي وجاء فرد واحد برأي جديد ثم حاولت البشرية جمعاء أن تسكت هذا الرأي كان خطؤها في ذلك لا يقل عن خطأ الفرد الواحد حين يحاول إسقاط الرأي الذي اجتمعت عليه البشرية»!!! (الإعلام ونظرية الحرية، مجلة العلوم السياسية عدد سبتمبر 1964م، والنقد المباح: 36).
والمقررون لهذا النوع من الحرية من الغربيين ومن وافقهم من الليبراليين والعلمانيين العرب لا يعترفون بالدين قيداً يقيدها، بل يطلقونها من قيود الشريعة، بحجة عدم قبول أي ضغوط على الرأي، ولا يخفى ما في ذلك من مناهضة لعبودية المؤمن لله تعالى.
يقول برتراند راسل: «إن حرية القول هي أن تكون إرادتنا التي نعبر عنها وليدة رغباتنا، وليست وليدة قوى ملزمة تضطرنا أن نفعل ما لسنا نريد أن نفعله»، وأكد مونتسكو على أن الحرية هي: «عدم الانصياع لغير الذات» (حرية الرأي في الميدان السياسي في ظل مبدأ المشروعية، د.أحمد جلال حماد: 99. والنقد المباح في القانون المقارن: 51).
ومعلوم أن المؤمن يمنعه من إبداء رأيه في أكثر حالات الرأي خوفه من انتهاك حمى الشريعة الربانية، والوقوع في إثم القول، كالقول على الله تعالى بلا علم؛ كما أنه في حالات أخرى يؤخذ بإبداء رأيه ويعاقب عليه حداً أو تعزيراً، كالقذف.
ويبلغ تقديس الرأي عند منظري الحرية مبلغاً يدعو فيه أكبر فيلسوف نظّر للحرية وقررها وهو الفيلسوف الإنجليزي جون سيتوارت ميل إلى تعمد الخطأ والباطل في مواجهة الصواب والحق حين يتحدث عن الرأي السائد، ويقسمه إلى صواب وخطأ، ثم يقرر في الصواب أنه لا بد من معارضة هذا الصواب بما يناقضه من الخطأ حتى يتمكن الذهن من الإحاطة بالحق إحاطة تامة والشعور به شعوراً عميقاً. (الحرية، جون ستيوارت ميل، ترجمة طه السباعي باشا: 82).
وهذا التعميم لمواجهة كل صواب بخطأ معارض للشرائع وللعقل وهو من لبس الحق بالباطل، ومن الأمر بالمنكر، ومن قول الزور، ومن البغي، ومن التحريف، وكل أولئك جاءت آيات قرآنية، وأحاديث نبوية تنهى عنه، فلا يصح تعميم مواجهة كل صواب بخطأ، وكل حق بباطل لعامة الناس وإلا لضلوا، كما لا يصح ذلك لفئات المتعلمين إلا لغرض صحيح. (انظر: حرية الرأي.. رأي آخر..؛ لإبراهيم الحقيل).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *