حديث (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة…).
الحديث خرج مخرج التفسير، لقوله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض) وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش، وأنه جرم قائم بنفسه وليس شيئاً معنوياً، ففيه رد على من يتأوله بمعنى الملك وسعة السلطان.
وما روي عن ابن عباس أنه العلم، فلا يصح إسناده إليه.
واعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث: (ما السماوات السبع في الكرسي..)، كما في بعض الأحاديث: أنه موضع القدمين، وأن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد، وأنه يحمله أربعة أملاك لكل ملك أربعة وجوه، وأقدامهم في الصخرة.. إلخ، فهذا كله لا يصح مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضه أشد ضعفاً من بعض.
السلسلة الصحيحة 1/176
ما السر في قول (غفرانك) بعد الخروج من الخلاء؟
وفي هذا من السر -والله أعلم- أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه، وخفة البدن وراحته، وسأل الله أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه.
إغاثة اللهفان 1/68
صفات صاحب التعبد المطلق
لم تملكه الرسوم، ولم تقيده القيود، ولم يكن عمله على مراد نفسه، وما فيها لذتها وراحتها العبادات، بل هو على مراد ربه، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه، فهذا هو المتحقق بـ(إياك نعبد وإياك نستعين) حقاً، القائم بهما صدقاً، مَلبسه ما تهيأ، ومأكله ما تيسر، واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً، لا تملكه إشارة، ولا يتعبده قيد، ولا يستولي عليه رسم، حر مجرد، دائر مع الأمر حيث دار، يأنس به كل محق، ويستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنخلة لا يسقط ورقها، فهو لله وبالله ومع الله، قد صحب الله بلا خلق، وصحب الناس بلا نفس، فواهاً ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به، وطمأنينة وسكونه إليه.
مدارج السالكين 1/111
ما صحة حديث أبي جعفر الرازي عن أنس:
(ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا)؟
أبو جعفر الرازي صاحب مناكير، لا يَحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة.
ولو صح لم يكن فيه دليل على هذا القنوت المعين البتة، فإنه ليس فيه أن القنوت هذا الدعاء، فإن القنوت يطلق على: القيام، والسكوت، ودوام العبادة، والدعاء، والتسبيح، والخشوع.
زاد المعاد 1/267
حكم ومواعظ
الذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، فالقلب إنما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره.
فالذنب إما أن يميت القلب، أو يمرضه مرضاً أو يضعف قوته ولا بد حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم: الهم، والحزن، والعجز، والكسل….
الجواب الكافي 124
من يبتلى بعشق الصور؟
إنما يبتلى به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لابد له من التعلق بمحبوب، فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره.
إغاثة اللهفان 1/54
قال الحسن رحمه الله تعالى: “إن من ضعف يقينك أن تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد اللّه عز وجل”.
قال عبد العزيز بن أبي داود: ثلاثة من كنوز الجنة: كتمان المصيبة وكتمان المرض وكتمان الصدقة.
وقال بعض السلف: ثلاثة يمتحن بها عقول الرجال: كثرة المال والمصيبة والولاية.
وقال عبد الله بن محمد الهروي: من جواهر البر كتمان المصيبة حتى يظن أنك لم تصب قط.
وقال عون بن عبد الله: الخير الذي لا شر معه: الشكر مع العافية والصبر مع المصيبة.
قال أبو العتاهيه:
اصبــر لكــل مصيــــبة وتجـــلد *** واعلم بأن المرء غير مخـلد
أو ما ترى أن المصـــائب جـمة *** وترى المـنية للعباد بمـرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة *** هذا سبيل لسـت عنه بأوحــد
فإذا ذكـرت محـــمدا ومصـــابه *** فاجعل مصابك بالنبي محمد
قال أبوالفرج بن الجوزي: علاج المصائب بسبعة أشياء:
الأول: أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء والكرب لا يرجى منه راحة.
الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابتة.
الثالث: أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة.
الرابع: النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء فإن التأسي راحة عظيمة.
قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن *** أعزي النفس عنه بالتأسي
وهذا المعنى قد حرمه الله عز وجل أهل النار فإن المخلدين فيها كل واحد محبوس وحده فهو يظن أنه لم يبق في النار سواه.
الخامس: النظر في حال من ابتلي أكثر من هذا البلاء فيهون عليه هذا.
السادس: رجاء الخلف إن كان من مضى يصح عنه الخلف كالولد والزوجة.
قال الشاعر:
هل وصل عزة إلا وصل غانية *** في وصل غانية من وصلها خلف
السابع: طلب الأجر بالصبر في فضائله وثواب الصابرين وسرورهم في صبرهم فإن ترقى إلى مقام الرضا فهو الغاية.