حكم ومواعظ
حظوظ العباد
إن الله قسم حظوظ العباد من الدين والعقل والغنى والجمال، وكان مما قسمه الله سبحانه وقدره على كل إنسان-أيضا- حظه من الهمة والإرادة.
والبشر يتفاوتون تفاوتا عظيما في هذا الأمر، فمنهم من تعلو به همته حتى يكاد يبلغ حدود الكمال، ومنهم من تسفل به همته حتى يصبح حاله أسوأ من الدواب!!
قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه الفوائد:
إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
قال ابن الجوزي-رحمه الله-:
إخواني: الذنوب تغطي على القلوب، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى، ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم”.
قال سهل بن عبد الله رحمه الله:
حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين، وفيه سكون إلى غير الله تعالى وحرام على قلب أن يدخله النور، وفيه شيء مما يكرهه الله تعالى.
قال ابن القيم -رحمه الله-:
“والمراقبة هي التعبد بأسمائه الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة”.
قال بعض الحكماء:
“من استولت عليه النفس صار أسيرًا في حب شهواتها، محصورًا في سجن هواها، مقهورًا مغلولا زمامه في يدها، تجره حيث شاءت، فتمنع قلبه من الفوائد!”.
قال مالك بن دينار -رحمه الله-:
رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائدًا”. (خطمها: أي شدها وربطها. فيقال خطمَ الجِمال: أي شدها وربطها).
قال بعض السلف:
القلوب مشاكي الأنوار، ومن خلط زيته اضطرب نوره، فعُمِّيت عليه السَّبيل.
مشاكي: جمع مشكاة وهي المصباح يشبه الفانوس الذي يوضع به زيت ليضيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
النّاس إذا تعاونوا على الإثم والعدوان أبغض بعضهم بعضا.
قال ابن الجوزي-رحمه الله-:
إن امرءاً تنقضي بالجهل ساعاته، وتذهب بالمعاصي أوقاته، لخليق أن تجري دائماً دموعه، وحقيق أن يقل في الدجى هجوعه.
وقال -رحمه الله-:
يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت؟! أما علمت أن النار للعصاة خلقت؟! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها”.
درر وفوائد
بعض مكايد الشيطان
من كيد عدو الله: أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا فقال: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ) والمعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه.
قال قتادة: يعظمهم في صدوركم.
وأول كيده ومكره: أنه كاد الأبوين بالأيمان الكاذبة، أنه ناصح لهما، وأنه إنما يريد خلودهما في الجنة.
إغاثة اللهفان 1/128
زيارة القبور
زيارة قبور المسلمين على قسمين: فالزيارة الشرعية أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت، وأما الزيارة البدعية فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء، فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة.
الفتاوى لابن تيمية 1/166
الصلاة في أوقاة الكراهة
الصلاة على الجنازة بعد الفجر، وبعد العصر، قال ابن المنذر: إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد الفجر، وبعد العصر، وأما سائر ذوات الأسباب: مثل تحية المسجد، وسجود التلاوة، وصلاة الكسوف، ومثل ركعتي الطواف في الأوقات الثلاثة، ومثل الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة، فاختلف كلامه فيها.
والمشهور عنه النهي، وهو اختيار كثير من أصحابه: كالخِرَقي، والقاضي، وغيرهما، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، لكنْ أبو حنيفة يجوز السجـود بعد الفجـر والعصر، لا واجب عنده، والرواية الثانية: جواز جميع ذوات الأسباب، وهي اختـيار أبي الخطـاب، وهـذا مـذهب الشافعي، وهـو الراجـح في هـذا الباب.
الفتاوى لابن تيمية 23/191
..يوسف عليه السلام لما هم ترك همه لله، فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط، بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت، فراودته بفعلها، وكذبت عليه عند سيدها، واستعانت بالنسوة، وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب، ولهذا قالت (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) وهذا من قولها كما دل عليه القرآن، ليـس من كلام يوسف عليه السلام، بل لما قالت هذا كان يوسف غائباً في السجـن لم يحضـر عند الملك.
منهاج السنة 2/412