حكم ومواعظ

أبو العجائب
الدهر أبو العجائب، وينبوع الغرائب، وفي المثل: الدهر حبلى لا يدري ما تلد، وقال الشاعر:
والليالي كما علمت حبالى *** مقْرِبات يلدن كل عجيبة
وقال طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود

سعيد بن المسيب
قال رحمه الله: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله عز وجل أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
وقال أيضا: من استغنى بالله افتقر إليه الناس
وعن سفيان بن عيينة قال: قال سعيد بن المسيب: إن الدنيا نذالة هي إلى كل نذل أميل وأنذل منها من أخذها بغير حقها وطلبها بغير وجهها ووضعها في غير سبلها.
وعن مالك بن أنس قال: قال سعيد بن المسيب: إنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.
علي بن الحسين
حج هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه قال وجاء علي بن الحسين فوقف له الناس وتنحوا حتى استلم، فقال الناس لهشام: من هذا؟ قال: لا أعرفه، فقال الفرزدق: لكني أعرفه، هذا علي بن الحسين.
هذا ابن خير عباد الله كلهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحل والحرم
يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
إذا رأته قريش قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم *** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** بجده أنبياء الله قد ختموا
وليس قولك من هذا بضائره **** العرب تعرف من أنكرت والعجم
يغضى حياء ويغضى من مهابته *** ولا يكلم إلا حين يبتسم
ما الدنيا ما عسى أن تكون
قال محمد بن علي لجابر الجعفي: يا جابر إني لمحزون وإني لمشتغل القلب، قلت: وما حزنك، وما شغل قلبك، قال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه، يا جابر ما الدنيا ما عسى أن تكون هل هو إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها، يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم، ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة ففازوا بثواب الأبرار، إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة، وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله، قوامين بأمر الله، فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته.
تسلية وترويح
أخطأ من خطأه
قال الخطيب:
كان -أي أبو بكر القالوسي، المتوفى سنة 707هـ- إمام في العربية والعروض، وكان شديد التعصب لسيبويه مع خفة فيه.
حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجباب قال: ورد أبو بكر القالوسي على القاضي أبي عمرو، وكان شديد المهابة، فتكلم في مسألة في العربية نقلها عن سيبويه، فقال له القاضي: أخطأ سيبويه، فكاد يجن، ولم يقدر على جوابه لمكان منصبه، فجعل يدور في المسجد ودموعه تنحدر وهو يقول: أخطأ من خطأه، ولا يزيد عليها. المختار المصون من أعلام القرون 1/222.
أعطني درهمين
قال الحافظ ابن عدي: كان مولى أبي عوانة يزيد بن عطاء قد خيره بين الحرية وكتابة الحديث، فاختار كتابة الحديث.
وفوض إليه مولاه التجارة، فجاءه سائل، فقال: أعطني درهمين فإني أنفعك، فأعطاه، فدار السائل على رؤساء البصرة، وقال: بكروا على يزيد بن عطاء فإنه قد أعتق أبا عوانة.
قال: فاجتمعوا إلى يزيد، وهنؤوه، فأنف من أن ينكر ذلك، فأعتقه حقيقة. نزهة الفضلاء 3/633.
من طرائف أشعب
قال أشعب: دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر، فقال: حمل إلينا هريسة، و،ا صائم، فاقعد كل، قال: فأمعنت، فقال، ارفق فما بقي يحمل معك، قال: فرجعت، فقالت المرأة: يا مشؤوم بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان يطلبك، وقلت: إنك مرض، قال: أحسنت، فدخل حمام وتمرج بدهن وصفرة، قال: وعصبت رأسي، وأخذت قصبة أتوكأ عليها وأتيته، فقال: أشعب؟ قلت: نعم، جعلت فداك ما قمت منذ شهرين، قال: وعنده سالم، ولم أشعر، فقال: ويحك يا أشعب، وغضب وخرج، فقال: عبد الله: ما غضب خالي سالم إلا من شيء، فاعترفت له، فضحك هو وجلساؤه، ووهب لي، فخرجت، فإذا أشعب قد لقي سالما، فقال: ويحك ألم تأكل عندي هريسة؟ قلت: بلى، فقال: والله لقد شككتني. نزهة الفضلاء 1/420.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *