درر وفوائد

لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه
مما يجب أن يعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربك) رواه البخاري في الفتن، ينبغي أن يفهم هذا الحديث على ضوء أحاديث أخرى؛ مثل أحاديث المهدي ونزول عيسى؛ فإنها تدل على أن الحديث ليس على عمومه، بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إيهام الناس أنه على عمومه فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/10.
كتم العلم
قال تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ)؛ وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً..)؛ وقال تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم: تارة بخلاً به، وتارة اعتياضاً عن إظهاره بالدنيا، وتارة خوفاً في أن يحتج عليهم بما أظهروه منه.
وهذا قد يبتلى به طوائف من المنتسبين إلى العلم، فإنهم تارة يكتمون العلم بخلاً به، وكراهة لأن ينال غيرهم من الفضل ما نالوه، وتارة اعتياضاً عنه برئاسة أو مال، فيخاف من إظهاره انتقاص رئاسته أو نقص ماله، وتارة قد خالف غيره في مسألة، أو اعتزى إلى طائفة قد خولفت في مسألة، فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل.
ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي: أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم. اقتضاء الصراط المستقيم 59.
للدعاء مع البلاء ثلاث مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً.
الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه. الجواب الكافي 25.
القلب السليم
الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من غير تحكيم رسوله. إغاثة اللهفان 1/8.
حال القلوب إذا عرضت عليها الفتن
قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها، كما يشرب الإسفنج الماء، فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس وهو معنى (كالكوز مجخياً) أي مكبوباً منكوساً. إغاثة اللهفان 1/12.
حكم ومواعظ
قال أبو سلمان الدارانى: من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة المناجاة، وحرمان الشفقة على الخلق -لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع- وثقل العبادة، وزيادة الشهوات، وأن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد، والشباع يدورون حول المزابل.
يقول عبد الله بن المبارك:
لولا الجماعة ما كانت لنا سبل *** ولكـان أضعـفنا نهباً لأقــوانا
غرور الكافر
فأول ما نبدأ به غرور الكافر، وهو قسمان: منهم من غرته الحياة الدنيا، ومنهم من غره بالله الغرور، أما الذين غرتهم الحياة الدنيا وهم الذين قالوا: النقد خير من النسيئة، ولذات الدنيا يقين، ولذات الآخرة شك!!، ولا يترك اليقين بالشك، وهذا قياس فاسد، وهو قياس إبليس لعنه الله تعالى في قوله: أنا خير منه.. فظن أن الخيرية في النسب.
العلوم الغامضة
العلوم الغامضة كالدواء القوي يصلح الأجساد القوية ويهلك الأجساد الضعيفة. وكذلك العلوم الغامضة؛ تزيد العقل القوي جودة وتصفية من كل آفة وتهلك ذا العقل الضعيف.
الصبر على الجفاء
الصبر على الجفاء ينقسم ثلاثة أقسام:
فصبر عمن يقدر عليك ولا تقدر عليه.
وصبر عمن تقدر عليه ولا يقدر عليك.
وصبر عمن لا تقدر عليه ولا يقدر عليك.
فالأول ذلٌّ ومهانة وليس من الفضائل. والرأي لمن خشي ما هو أشد مما يصبر عليه المتاركة والمباعدة.
والثاني فضل وبر وهو الحلم على الحقيقة وهو الذي يوصف به الفضلاء.
والثالث ينقسم قسمين:
إما أن يكون الجفاء ممن لم يقع منه إلا على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى به ويندم عليه فالصبر عليه فضل وفرض وهو حلم على الحقيقة.
مجالسة الناس
من جالس الناس لم يعدم هماً يؤلم نفسه؛ وإثما يُندم عليه في معاده؛ وغيظاً ينضج كبده؛ وذلاً ينكس همته؛ فما الظن بعدُ بمن خالطهم وداخلهم، والعزة والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم؛ ولكن اجعلهم كالنار تدفأ بها ولا تخالطها.
غفلة النفس
غفلة النفس ونسيانها ما كانت فيه في دار الابتلاء قبل حلولها في الجسد كغفلة من وقع في طين غمر عن كل ما عهد وعرف قبل ذلك، ثم أطلت الفكر أيضاً في ذلك فلاح لي شعب زائد من البيان؛ وهو أني رأيت النائم إذ همت نفسه بالتخلي من جسده وقوي حسها قد نسيت ما كان فيه قبيل نومها نسياناً تاماً البتة على قرب عهدها به؛ وحدثت لها أحوال أخر وهي في كل ذلك ذاكرة حساسة متلذذة آلمة ولذة النوم محسوسة في حاله لأن النائم يتلذ ويحتلم ويخاف ويحزن في حال نومه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *