درر وفوائد
لم تكن عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين: القيام كلما رأوه عليه السلام، كما يفعله كثير من الناس، بل قد قال أنس بن مالك: لم يكن شخص أحب إليهم من النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون من كراهته لذلك، ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقياً له، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ: قوموا إلى سيدكم، وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة لأنهم نزلوا على حكمه، وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسـن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة للموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له، لأن ذلك أصلح لذات البين، وإزالة التباغض والشحنـاء.
مجموع الفتاوي 1/374
ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت) ولهذا اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الله يرى في الآخرة، وأنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه، وقال في موضع آخر: وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أحداً من المؤمنين لا يرى الله بعينه في الدنيا، ولم يتنازعوا إلا في النبي صلى الله عليه وسلم خاصة مع أن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا.
مجموع الفتاوي 2/230،235
يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء، ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح، وكان من شباب المسلمين، ولا كان كافراً ولا زنديقاً، وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم، قال صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد، قال: يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقلت: يا أبت لماذا لا تلعنـه؟ قال: يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً، ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة أنه لا يسب ولا يحب.
مجموع الفتاوي 3/412
حكم ومواعظ
عن ابن عمرو رضي الله عنه قال: البر شيء هين: وجه طليق ولسان لين.
عن علي رضي الله عنه قال: أشد الأعمال ثلاثة: إعطاء الحق من نفسك، وذكر الله على كل حال، ومواساة الأخ في المال.
عن صالح بن عبد الكريم قال: مثل القلب مثل الإناء إذا ملأته ثم زدت فيه شيئاً فاض، وكذلك القلب إذا امتلأ من حب الدنيا لم تدخله المواعظ.
عن عبد الله بن عمرو قال: أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا: حسن خليقة وعفاف طعمة وصدق حديث وحفظ أمانة.
عن أبي حازم قال: كل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية.
عن أبي العالية قال: أنتم أكثر صياماً وصلاة ممن كان قبلكم ولكن الكذب قد جرى على ألسنتكم.
قال ميمون بن مهران: فالصبر صبران: فالصبر على المعصية حسن وأفضل منه الصبر عن المعصية.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من زهد في الدنيا هانت عليه مصائب الدنيا ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.
قال طاووس رحمه الله: “إن من السنة أن نوقر أرالعبعة: العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد”
قال يحيى بن معاذ الرازي: أعداء الإنسان ثلاثة: دنياه وشيطانه ونفسه فاحترس من الدنيا بالزهد فيها، واحترس من الشيطان بمخالفته، ومن النفس بترك الشهوات.
قال يحيى بن معاذ رحمه الله: “الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل وعلامة التائب إسبال الدمعة وحب الخلوة والمحاسبة للنفس عند كل همة.
عن بشر قال: قال الفضيل: لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير ولا تخالط سيء الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر.
عن ابن المبارك قال: إنه ليعجبني من القراء كل طلق مضحاك فأما من تلقاه بالبشر ويلقاك بالعبوس،كأنه يمن عليك بعمله فلا أكثر الله في القراء مثله.
عن بشر بن الحارث قال: ما من الناس إلا وهو مبتلى، إما ابتلاء بنعمة لينظر كيف شكره، وإما ببلاء لينظر كيف صبره.
عن حفص بن حميد قال: إذا عرفت الرجل بالمودة فسيئاته كلها مغفورة، وإذا عرفته بالعداوة فحسناته مردودة عليه.
عن أحمد ابن إسحاق بن منصور قال: سمعت أبي يقول لأحمد ابن حنبل: ما حسن الخلق؟ قال: هو أن تحتمل ما يكون من الناس