كشفت وثائق -استطاع شباب في مصر الحصول عليها من مقرات مباحث أمن الدولة- حقائق وأيدت أخرى، وأبطلت ادعاءات كان يزعمها بعض المقربين من السلطة.
كما اكتشف داخل مباني المباحث حقائق مثيرة حول حياة بعض رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك والاعتقالات والتعذيب في عهده.
ومن أشهر الوثائق التي تداولتها وسائل الإعلام، تلك التي تتابع حركة رئيس الجمهورية وعدد من المسؤولين المصريين والأجانب المتواجدين بمصر، وتلك الوثيقة التي سبق نشرها والتي تشير إلى تجسس مباحث أمن الدولة على القوات المسلحة.
وقبل مناداة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر للشعب المصري بعدم نشر أي من تلك الوثائق حفاظا على سرية المعلومات وعلى أمن البلاد، نشر عدد من الشباب على موقع فيسبوك الاجتماعي وعلى موقع الرسائل القصيرة تويتر بعضا من تلك الوثائق. لكنهم بعد نداء القوات المسلحة اكتفوا بالإشارة إلى فحوى بعض الملفات التي تكشف غرائب.
وعلى تويتر تظهر وثائق حجم التجسس الذي كان يقوم به هذا الجهاز سيئ السمعة على الهواتف والبريد الإلكتروني لأعداد كبيرة من المدونين والناشطين والسياسيين وحتى الإعلاميين.
وكشفت الشبكة ذاتها وجود مستندات تدين إعلامين وصحفيين بالتعاون مع جهاز أمن الدولة، حيث تم اكتشافها بمقرات عديدة.
وكشفت المستندات أيضا عن مراقبة المباحث للمتدينين خصوصا، حيث تظهر إحدى الملفات المختصة بمراقبة شاب أن تهمته أنه “كان ملتحٍ ويحفظ القرآن”! والأغرب أن المستند حمل عنوان: “كارت متابعة لحية”، وكأن لحية الشباب أمر جدير بالمتابعة ويضعه موضع الشك الأمني!
ومثل هذه الملفات و”الكروت” كثيرة أو كما وصفها الشباب “بالأكوام”.
فقد تكدست الملفات في مخازن مبنى المباحث تحت الأرض وفي مرآب السيارات، حيث وجد الشباب أطنانا من الأوراق المهترئة، وأطنانا أكبر من الملفات التي كانت معدة للإتلاف للتخلص من الأدلة على إجرام ذلك النظام وتلك المؤسسة خصوصا.
وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة المصرية قدمت عدة ضباط إلى المحاكمة بتهمة إتلاف الملفات. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم معاقبتهم بالفعل أم لا، لأن إحدى الأوراق تشير إلى تلقي الضباط أوامر عليا “بإتلاف الملفات وليس حرقها” للتخلص منها.
لكن توالي نشر ملفات أمن الدولة توقف إلى حد كبير خاصة بعد أن طلب رئيس الوزراء عصام شرف الذي يحظى باحترام الشباب منع نشر الوثائق حفاظا على أمن البلاد وسرية المعلومات.
حتى أن شبكة رصد الإخبارية قررت “تأجيل وليس (منع) نشر الوثائق التي تصل إليها من مقرات أمن الدولة المحترقة أولا: للحفاظ على استقرار الأوضاع في الوقت الراهن، وثانيا: للتثبت والتأكد بشكل بات ونهائي من صحة الوثائق التي تصلها”.
وعن الاعتقالات والتعذيب فحدث ولا حرج، فيكفي أن يشاهد المرء معدات التعذيب بالصعق والكهرباء وأسياخ التعليق التي تنتشر في غرفات أمن الدولة في “لاظوغلي” و”مدينة نصر” حتى يسري أوجاع الألم في جسد الضحية ويجد نفسه “مصعوقا” بحقيقة ذلك النظام البوليسي السادي البائد.
ويكفي أن تشاهد “سراديب الشيطان” التي كان يقبع فيها المحتجزون تحت الأرض ليتم استنطاقهم بكافة الوسائل، حتى تدرك مدى مصداقية تلك الوثائق المتكدسة في الغرفات المجاورة وكيف تحصلت عليها الدولة.
لكن هذا العهد -كما يرى المصريون- قد انتهى، ولن ترجع مصر إلى الوراء أبدا، ولن يعود هناك وجود لجهاز (أمن الدولة) كما كان عليه من قبل؛ ذلك الجهاز الذي ظل على مدى ستين عاما على اختلاف مسمياته حاميا لسادته الجاثمين على أنفاس الشعب والقابعين على كراسي النظام.