متى نبدأ مشروعنا الإصلاحي بعيدا عن إملاءات الغرب؟! إبراهيم الوزاني

كان الرئيس الفار بنعلي لا يرضى الحرية لشعبه، فسجنهم في سجن كبير سمَّاه: تونس، فانتفض -بقدرة قادر- المظلومون، وسقط الطاغية، وفرّ خاسئا مطرودا ذليلا..

أما الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك فكان دائم الدعم لليهود؛ وعمل على سجن مسلمي قطاع غزة؛ ومَنع عنهم دخول الغذاء والدواء والوقود؛ وسعى إلى إشعال نار الحقد والطائفية بين الأقباط والمسلمين؛ وسجن الدعاة في أقبية الظلم؛ ومارس عليهم أبشع صور التعذيب والتنكيل؛ لكن ربك بالمرصاد؛ فسرعان ما زال حكمه وباد سلطانه؛ وباتت الأصوات ترتفع بالمطالبة بمحاكمته ومصادرة ثروته؛ وصارت مرحلة حكمه في خبر كان.
وأما الثائر على الشريعة والشرعية، من يحب أن يصف نفسه بقائد الثورة!! وملك ملوك إفريقيا!! ويكره أن يتخلى عن الثورة وقيادتها: العقيد معمر القذافي، فقد ثار عليه شعب ليبيا أيضا، الأمر الذي أفقده صوابه وجعل آلة دماره الشامل تخرج عن السيطرة وتنال من الثوار والأطفال والنساء والشيوخ والمصلين المصطفين في صفوف الصلاة على حد سواء. لتُذكِّر مرحلة حكم القذافي كل ناظر في صفحات التاريخ بذكريات الطغاة؛ ومن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.
لكن الشعب الليبي الحر الذي رسم صورا مشرقة من تاريخ الجهاد في سبيل الله تعالى؛ وطرد الطليان وأجلاهم عن ليبيا؛ لن يرضى أبدا أن يسومهم سوء العذاب مجنون غريب الأطوار محادّ لله ورسوله، ولن يقبلوا بعد اليوم أبدا أن يحكمهم من يستعين بالمرتزقة والغرب لتقتيلهم وتجويعهم وتفقيرهم واستنزاف ثرواتهم.
فها نحن نشهد اليوم مرحلة تاريخية عظيمة؛ فسبحان من يهب الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء؛ ويعز من يشاء ويذل من يشاء؛ لكن الدرس الذي ينبغي أن نعيه جميعا هو أن الظلم لا يدوم والطاغية لا يسود؛ وأن بين صفوفنا عملاء للصهاينة والغرب، وأذنابا للماسونية، لا يرضون لنا كشعوب مسلمة إلا أن ننبذ ديننا ونعيش التبعية المطلقة للمنظومة العلمانية الغربية البائدة.
فالغرب الذي كان بالأمس يدعم الطغاة ويعينهم على تعبيد شعوبهم يبشر اليوم الشعوب الثائرة على أنظمتها بحرية الديمقراطية الخداعة، ويعدها باللحاق بركب حضارته المشبعة بالقيم المادية التي لا تعير للروح قيمة، والمدنسة بالقوانين الوضعية العلمانية، مستغلا فقر الثائرين لبرنامج إصلاحي -الذي ينبغي أن ينبني على أحكام ديننا الرباني الشامل-، ومحاولا توجيه خطى التغيير وفق هواه ومخططه، حتى يضمن استمرار تبعيتنا له، لأن الغرب لن يقبل أبدا أن نكون معتزين بديننا وهويتنا وقيمنا وخصوصيتنا، ولا مستقلين بسياستنا واقتصادنا وثقافتنا..
فلابد أن يسقط الغرب من أعيننا وأجندتنا وخططنا الإصلاحية، ولا يتأتى ذلك إلا بفضح نفاقه أمام المغفلين من بني جلدتنا، وطرد عملائه من بين صفوفنا؛ وكشف المداخل التي يتسرب منها إلى نسيج مجتمعنا.
عندها نكون قد قطعنا شوطا في طريق الإصلاح؛ ليبقى أمامنا واجب بناء صرح مشروعنا الإصلاحي الكبير انطلاقا من مرجعيتنا كمسلمين نؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *