هل حقق الغرب المساواة بين الجنسين التي يهجم بها علينا؟ ذ.الحسن العسال

 استقواء بالغرب تتخذ بنات علمان من الأمم المتحدة غطاءً لهن في سعيهن لفرض منظومة الغرب الإباحية على العالم، مما دفعه إلى النزول بكل ثقله لفرض نظرته للمرأة على الشعوب. فكان المؤتمر الدولي الأول للمرأة في المكسيك عام 1975م، تلاه المؤتمر الثاني في كوبنهاجن عام 1980م، والثالث في نيروبي عام 1985م، والرابع في بيجين عام 1995م، إضافة إلى مجموعة مؤتمرات أخــرى لها صلة بقضايا المرأة مثل مـؤتمــر السكان والتنمية في القاهرة 1994م. 

وكانت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) هي خلاصة تلك الجهود الشريرة، وقد دعت الاتفاقية إلى المساواة التامة في الحقوق بين المرأة والرجل في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والمدنية، في ضرب سافر لكل الملل والنحل.
وتعد الاتفاقية ملزمة قانونياً للدول التي صادقت عليها، وتتعهد هذه الدول بإلغاء كل التشريعات والقوانين المحلية التي تعتبر تمييزاً ضد المرأة.
فالتقفت بنات علمان هذه الاتفاقية وكأنها وحي منزل من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، خصوصا وأن المجهود الغربي-الذي لا يخرج عن نظرية المؤامرة- كان منصبا بالأساس في هذا المجال على الشعوب الإسلامية، في حين أن بعض “أرقى” الدول الغربية يعاني من اختلالات سافرة فيما يدعون إليه من مساواة!!

المساواة في الأجور
“كشف مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات” عن بيانات بأن ألمانيا والنمسا من الدول التي تشهد أكبر فروق في الأجور بين الجنسين، حيث حصلت السيدات في ألمانيا متوسط أجر يقل بنسبة 23% عن نظرائهن من الرجال سنة 2008، بينما يزيد الفارق في النمسا إلى أكثر من 25%. ومن بين الدول الكبيرة في الاتحاد: بريطانيا التي بلغ فارق الأجور فيها أكثر من 21%، وفرنسا أقل بقليل من 18%، وإسبانيا أكثر بقليل من 16%، ويتباين تمثيل المرأة في المؤسسات السياسية والميدان الاقتصادي داخل دول الاتحاد الأوروبي من بلد إلى آخر تختلف معها أشكال العراقيل التي تعترض تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة.
وإذا كانت الدول الاسكندينافية تتصدر دول العالم في مجال المساواة بين الجنسين وتسجل أدنى نسبة في مجال التمييز بين الرجل والمرأة في مختلف قطاعات الحياة العامة؛ فما تزال دول أوروبية عديدة تعرف تأخرا في هذا المجال حسب ما أفادت به النائبة في البرلمان الأوروبي وعضو لجنة حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين: ليسي غرونر.

المساواة وكرامة المرأة
إلا أن السويد التي تصدرت العالم في مجال المساواة بين الجنسين، لم تكن المساواة في صالح كرامة المرأة، وإنما على العكس من ذلك، قد أغرقتها في بحر من المهانة والاستغلال.
فهذه إحدى الفتيات السويديات وتدعى آنيا كارلسون، لأنها لازال فيها بقية من شرف ضاقت ذَرعا بامتهان المرأة السويدية، استوقفتها أربعة إعلانات كبيرة لإحدى شركات الملابس الداخلية تظهر فيها إحدى عارضات الأزياء الألمانيات بملابس شبه عارية، فما كان من آنيا إلا أن ذهبت إلى أول متجر، واشترت منه طلاء أسود، وطمست به تلك الصور الفاضحة، إلا أن أصحاب الشركة تقدموا بدعوى قضائية ضد كارلسون، التي أدينت بدفع غرامة قدرها 16 ألف كرونة، أي مايعادل 1400 دولار. وقد تولت دفع الغرامة لجنة شكلت للدفاع عن كارلسون وتأييد ما قامت به.
قالت كارلسون بعد الحادث: حاولت منذ مدة طويلة أن أثير نقاشا حول مشكلة الإعلانات التي تظهر المرأة كأنها سلعة تستخدم لأغراض تجارية، نشرتُ المقالات، ونظمتُ الندوات دون جدوى، لكن عندما قمت بتخريب لوحات “كلوديا شيفر”، لم تبق محطة تلفاز أو إذاعة أو صحيفة في السويد إلا وأثارت الموضوع.
ما قمت به وما تقوم به مجموعات أخرى في دول مختلفة تحذير للشركات الكبرى بأن استخدامها لجسد المرأة في الإعلانات أسلوب خاطئ، سيؤدي إلى كارثة اجتماعية.
إن ما قامت به كارلسون أصبح عملا احتجاجيا مألوفا في عدد من البلدان الأوروبية التي تشهد جمعيات أهلية متنامية ترفض استخدام المرأة لأغراض التسويق، ففي النرويج نجحت الجمعيات النسائية المناهضة لتوظيف جسد المرأة لإغراض دعائية في وقف حملة إعلان لملابس داخلية نسائية، بإقناع الحكومة أن تلك الإعلانات تمثل خطرا على سائقي السيارات، وقد تؤدي إلى حوادث مميتة.
وفي فرنسا تنتشر الجمعيات النسائية التي تحارب امتهان المرأة في الإعلام، فجمعية «النساء الصحافيات» تخصص جائزة للإعلان الأقل جنسية بعد أن طغى الجنس على الإعلانات. أما جمعية «كلبات الحراسة» فتهدف إلى حراسة المرأة من الابتزاز ومن استغلال جسد المرأة.

المرأة تستغل المرأة
(وحرية المرأة في السويد شملت الحمل، فالمرأة السويدية لا تريد أن تفقد حريتها في المتعة والانطلاق، ولا تريد أن تقاسي من الحمل والولادة، فهي تريد طفلاً جاهزاً، لهذا فإنَّ الفتاة السويدية التي تريد أن تتخلص من الولادة لا تتعب ولا تحتار، بل تختار فتاة أخرى تتقاضى أجراً؛ لأنها قامت بمهمة الحمل بالنيابة عن الزوجة!) (تحرير المرأة ممن؟ شوقي أبو خليل ص:30).

العنف ضد المرأة
أما في سويسرا المتحضرة جدا، فتتعرض خُـمُـس النساء، سواء كنّ متزوجات أو فتيات تقل أعمارهن عن الثامنة عشرة، إلى الاعتداء الجسدي أو الجنسي من طرف الذكور، أزواجا كانوا أم عزابا.
لذلك قررت الحكومة الفدرالية إنشاء مكتب يخصص لدراسة الظاهرة وتوثيقها، وللتنسيق بين كل الجهات المعنية للحد من تصاعدها وانتشارها.

شكوى الأوروبيات في صنع القرار
أطلقت مجموعة من السياسيات الأوروبيات البارزات حملة “50/50 من أجل الديمقراطية”، مطالبات بإعادة النظر في توزيع الحصص في كافة مراكز صناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي، مما يقلل من احتكار الرجل للمناصب القيادية.

حال المحتجبات
أما نحن في المغرب، فبدأ الحديث عن مصطلح التمييز الإيجابي[1]، الذي يقصد منه مواجهة الظلم التاريخي الذي تعرضت له المرأة، في الوقت الذي تعاني فيه المحجبة من التمييز بينها وبين سائر المغربيات، دون أن تحرك بنات علمان ساكنا لرفع هذا الظلم، أو على الأقل تسليط الأضواء عليه، عوض السكوت عنه.
فهناك من المحتجبات من قُبل ملفها في بعض الشركات، ولما حضرت بشخصها مُنعت من العمل، لمجرد أنها تستر جسدها طاعة لربها، ومنهن من طردت بعدما عملت فترة ليست بالقليلة[2] لا لشيء إلا لأن مؤتمرات الأمم المتحدة لا تدافع عن المرأة في أن تكون امرأة، بل تدافع عنها في أن تكون رجلا.
وإليك أخي القارئ بعضا من مواد هذا المسخ الجنسي:
المادة 16: تحض على المساواة المطلقة فيما يخص العلاقات الزوجية والأسرة من زواج وطلاق وولاية وقوامة ووصاية على الأطفال.
وتنص المادة 10: من الاتفاقية صراحة على أن يكون التعليم مختلطاً بين الشباب والشابات، وضرورة القضاء على أي مفهوم عن دور الرجل ودور المرأة على جميع مستويات التعليم، حاضة على تغيير المناهج الدراسية لتحقيق ذلك.
والمادة 12: تطالب بمساواة الرجل والمرأة في الاستحقاقات الأسرية التي يدخل فيها المساواة في الميرا ث.
وجسدت المادة 36 من الوثيقة المؤقتة فكرة المساواة المطلقة، مقررة التماثل بين الأولاد والبنات، متجاهلة الفروق البيولوجية والنفسية والفسيولوجية بينهم.
على الغرب -قبل أن يمارس علينا الوصاية من خلال آل علمان من بني جلدتنا- أن يطبق في دياره وعلى مواطنيه ما يؤمن به. أما نحن فيكفينا ديننا الذي لن نحيد عنه ما حيينا، على الرغم من كيد الكائدين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] في الولايات المتحدة، هدف “الفعل الإيجابي” إلى التعويض عن الفروق الموروثة من زمن العبودية والتي كان ضحيّتها السكان السود.
[2] التفاصيل في جريدة التجديد: 16/06/2004.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *