وقفت على هذه الرسالة للمولى أبو الربيع سليمان ابن محمد بن عبد الله العلوي(ت1238ه) بفهرس مكتبة المسجد النبوي صفحة رقم 482 ترجمة عدد 1104 رقم الحفظ 109/80(08) رقم الحاسب 3667 رقم الفيلم 17، وقد نسخت بخط مغربي جيد من ورقتين في كل ورقة 19 سطرا ضمن مجموع ضم كثيرا من التصنيفات بداية بمخطوط الروض اليانع في أحكام التزويج وآداب المجامع لعبد الله بن مسعود الدرعي وانتهاء بقصيدة شرعية في السياسة تبدأ بـ
يَا أَيُّهَا المَلِكُ البَاهِي مُحَيَّاهُ أَمَّا مَقَامُكَ فَهُوَ الغَيْثُ إِنْ قُصِدَتْ |
أَنْتَ الذِي تَعْرِفُ الأَظْعَانُ مَغْنَاهُ دَارَ امْرئٍ بِحُرُوبِ الضَّيْمِ دُنْيَاهُ |
وقد أردت التعريف بهذه الرسالة في هذا الركن نظرا لأهميتها وكونها وثيقة من الوثائق المُعَرِّفَةِ بالتاريخ المغربي وأنها ما زالت حبيسة المخطوط لم يُعَرَّفْ بها قبلا، فتكفل أخي الكريم أسامة عبد الرزاق عضو هيئة التدريس بمعهد المسجد النبوي بإرسال صورة منها، وتبتدئ بقول الناسخ:
الحَمْدُ للهِ(1) وَحْدَهُ، نُسْخَةٌ مِنْ كِتَابٍ شَرِيفٍ لِسَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ المُعَانِ، سَيدنَا وَمَوْلاَنَا سُلَيْمَانُ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي الجِنَانِ، نَصُّهُ:
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً. إِلَى كَافَّةِ قَبَائِلِ البَرْبَرِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي بَدْوٍ أَوْ حَضَرٍ سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اهْتَدَى مِنْكُمْ لِلْحَقِّ وَاتَّبَعَ الرَّسُولَ وَدِينَهُ الحَقّ وَالرَّحْمَة وَالبَرَكَة يَخُصَّانِ مَنْ تَمَسَّكَ مِنْكُمْ بِسُنَّتِهِ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالسُّكُونِ وَالحَرَكَةِ، وَبَعْدُ: فَقَدْ بَلَغَنَا مِنْ فِعْلِكُمُ الشَّنِيعَ وَمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِسُوءِ الصَّنِيعِ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى المُسْلِمِينَ كَافَّةً إِنْكَارَهُ وَالمُبَادَرَةَ لِنَهْيِكُمْ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَكُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَتُحْرِقَكُمْ فِي الآخِرَةِ نَارُهُ وَذَلِكَ أَنَّكُمْ قَضَيْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ أَحْكَاماً خَالَفْتُمْ فِيهَا أَحْكَامَ اللهِ وَشَرَعْتُمْ شَرَائِعَ وَحُدُوداً نَبَذْتُمْ بِهَا شَرِيعَةَ مَوْلاَنَا رَسُولُ اللهِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلَ آخَرَ لاَ تَقْتُلُونَهُ وَتَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ مِنَ البِلاَدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِذَا أَتَمَّهَا كَانَ المَقْتُولُ هَدْراً لاَ كَلاَمَ فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ مَعَ القَاتِلِ وَلاَ تَتْبَعُونَهُ مَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ فِيهِمَا مَعَ العَمْدِ القِصَاصَ حَيْثُ يَقُولُ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذْنَ بِالأُذْنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ)(2) وَقَالَ مُتَوَعِّداً عَلَى ذَلِكَ فِي الآخِرَةِ عِقَاباً أَلِيماً (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)(3) وَقَالَ فِيمَنْ صَدَرَ مِنْهُ القَتْلُ خَطَأً وَلَمْ يَتَجَرَّأْ عَلَى فِعْلِهِ (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ)(4) وَكَذَلِكَ السَّارِقُ عِنْدَكُمْ لَا يُقْطَعُ وَجَعَلْتُمْ وَظِيفَتَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُ مِنْهُ وَيَنْزِعُ حَتَّى كَأَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُواْ قَوْلَ اللهِ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ)(5) وَارْتَكَبْتُمْ شِبْهَ ذَلِكَ فِي الزِّنَا وَالنِّكَاحِ الفَاسِدِ وَتَجَرَّأْتُمْ عَلَى الحُدُودِ وَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ مَا سَنَّهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفُرُوعِ وَالأُصُولِ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَدُبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَسُنَّتِهِ نَكَّلْتُمْ بِهِ وَحَجَرْتُمْ عَلَيْهِ أَتْبَاعَ طَرِيقِهِ التِّي مِنْهَا الوُصُولُ فَمَا أَغْفَلَكُمْ عَنْ قَوْلِ اللهِ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)(6) وَمِنْ قَوْلِهِ (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ)(7) وَمَا أَصَمَّكُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَكُمْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الكِتَابِ المُنِيرِ (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ نُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)(8) (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ)(9) وَقَوله (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ أَنْ يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)(10) وَقَالَ إِنْشَاءً لَنَا وَتَعْلِيماً (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُومِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)(11) (وَأَن احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)(12) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(13) (فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ)(14) (فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ)(15).
فَهَذَا كِتَابُ اللهِ يُنَادِي عَلَيْكُمْ بِالحُجَّةِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ فِعْلَكُمْ ذَلِكَ بَاطِلاً وَلَكِنَّكُمْ اتَّبَعْتُمْ فِيهِ رُؤَسَائَكُمْ وَقَدَّمْتُمُوهُ عَلَى مَا بِهِ الرَّسُولُ جَاءَكُمْ زَعْماً مِنْكُمْ أَنَّكُمْ لاَ تصلحونَ إِلاَّ بِذَلِكَ فَأَنْتُمْ أَسْوَأُ حَالاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ في [ ](16) المَسَالِكِ قَالَ اللهُ فِيهِ (وَإِنْ يَرَواْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)(17) فَمَا هَذَا إِلاَّ جُرْأَةٌ مِنْكُمْ عَلَى اللهِ وَمَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَلاَ أَصْلَحَهُ اللهُ وَإِنْ كُنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ طَرِيقَكُمْ أَهْدَى مِنْ طَرِيقِهِ المُسْتَقِيمِ وَتُصَادِمُونَ بِأَفْعَالِكُمْ هَذِهِ شَرْعَهُ القَدِيمَ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ بِهِ كَافِرِينَ (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالإِيْمَانِ فَقَدْ ضَلَّ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الاخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ)(18) قَالَ مَوْلاَنَا الذِي لاَ تَجِدُونَ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (أَلَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّواْ السَّبِيلَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً)(19) وَالحَاصِلُ أَنَّا قَدْ أَمَرْنَاكُمْ وَنَهَيْنَاكُمْ وَبِكِتَابِ اللهِ أَنْذَرْنَاكُمْ فَإِنْ أَقْلَعْتُمْ عَنْ غَيِّكُمْ وَتُبْتُمْ إِلَى اللهِ وَرَجَعْتُمْ وَاسْتَقَمْتُمْ عَلَى حُدُودِ اللهِ التِّي بِهَا أُمِرْتُمْ فَأَنْتُمْ إِلَيْنَا وَمِنَّا وَعَلَى اللهِ أَنْ يُعَامِلَنَا جَمِيعاً بَعَفْوِهِ عَنَّا وَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَجْعَلُواْ دُنْيَاكُمْ يَجْعَلْهُ اللهُ فَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ نَحْكُمُ فِيكُمْ بِحُكْمِ اللهِ وَلاَ نُقَاتِلُكُمْ قَتْلَ المُحَارِبينَ لِأَنَّكُمْ أَسْوَأُ حَالاً مِنْهُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ لِلطَّاعَةِ وَالإِسْلاَمِ مَعاً مُجَانِبِينَ بَلْ نُجَاهِدُكُمْ جِهَاداً [ ](16) الكُفَّارَ الذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ فَاخْتَارُواْ مَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ وَمَا دُمْتُمْ هَكَذَا فَقَد اسْتَوَى عِنْدَنَا مُحَيَّاكُمْ وَمَمَاتُكُمْ وَالسَّلاَمُ.
———————————-
1 – مكتوب بخط أحمر.
2 – سورة المائدة الآية 44.
3 – سورة النساء الآية 92.
4 – سورة النساء الآية 91.
5 – سورة المائدة الآية 37.
6 – سورة آل عمران الآية 30.
7 – سورة النساء الآية 79.
8 – سورة النساء الآية 13.
9 – سورة آل عمران الآية 84.
10 – سورة النور الآية 50.
11 – سورة النساء الآية 64.
12 – سورة المائدة الآية 48.
13 – سورة المائدة الآية 44.
14 – سورة المائدة الآية 46.
15 – سورة الحشر الآية 02.
16 – كلمة غير واضحة.
17 – سورة الأعراف الآية 146.
18 – سورة البقرة الآية 108.
19 – سورة النساء الآيتان 44-45.