شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

قوله: (لأنه كلامه) أي لأن القرآن كلام الله وكلامه تعالى صفة من صفاته ليس بمخلوق ومن قال: مخلوق فقد كفر.

قوله: (المرفع) أي المعظم والمرتفع على جميع أنواع الكلام وكذلك حامل القرآن له شرف على غيره
قوله: (وجاء فيه) أي جاء في شأن القرآن أنه شافع ومشفع وذلك في قوله عليه السلام: (القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار)
وقوله: (شافع) أي طالب شفاعة صاحبه.
وقوله: (مشفع) أي تعطى له الشفاعة في حامله ولا ترد شفاعته.
قوله:
وقد أتت في فضله آثـــــــــــــار *** ليست تفــي بحملها أسفــــــار
فلنكتفي منها بما ذكرنــــــــــــــا *** ولنصرف القول لمــا قصدنـا
قوله: (وقد أتت) أي جاءت ووردت.
قوله: (في فضله) أي في فضل القرآن.
قوله: (آثار) أي أحاديث والآثار جمع أثر “والأثر هو الباقي في الديار وقالوا لسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم آثار لأنها بقيت بعده” .
والأحاديث الواردة في فضل القرآن وفضل أهله كثيرة جدا وقد صنفت فيها مصنفات كثيرة كفضائل القرآن للشافعي وللنسائي ولأبي عبيد القاسم بن سلام وللفريابي ولابن الضريس وللرازي ولابن كثير وغيرهم
قوله: (ليست تفي بحملها أسفار) أي جاءت في فضل القرآن آثار لا تقوم بحملها أسفار لكثرتها.
والأسفار الكتب العظام واحدها سفر، وكلام الناظم خرج على جهة المبالغة تعظيما.
قوله: (فلنكتفي) أي فلنكتف ونقتصر ونجتزئ وأثبت الياء في قوله فلنكتفي وإن كان مجزوما بلام الأمر إما للضرورة الشعرية، وإما على لغة من يجزم من العرب بالسكون المقدر في حرف العلة فيقولون: لم يدعوا، لم يرمي، لم يخشى.
قوله: (منها) أي من الآثار (بما ذكرنا) أي بالذي ذكرناه وهو أربعة أحاديث وهي:
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) و(الماهر بالقرآن مع السفرة) و(حملة القرآن أهل الله) و(القرآن شافع مشفع) وذكرها على جهة التبرك بحديثه عليه السلام، وليقع الإجتهاد والبحث في تعليم القرآن.
قوله: (ولنصرف القول) أي ولنوجه الكلام ( لما قصدنا) أي للذي قصدناه وهو بيان قراءة الإمام نافع.
قوله:
من نظم مقرأ الإمـام الخاشع *** أبــي رؤيــم المــدني نافــع
إذ كـــان مقرأ إمام الحـــرم *** الثبت فيما قد روى المقدم
قوله: (من نظم) من هذه للبيان وهي التي يصح أن يحل محلها هو؛ والتقدير وهو نظم.
قوله: (نظم ) النظم والنظام بمعنى واحد، ومعناهما التأليف والجمع والضم، والنظم يقابل النثر، والكلام ثلاثة أنواع: المنظوم، والمنثور، والمسجع وهو الكلام المجنس المتوافق الفواصل.
قوله: (مقرأ) المقرأ مصدر مشتق بمعنى القراءة، كالمخرج بمعنى الخروج والمفر بمعنى الفرار، والمطلع بمعنى الطلوع.
قوله: (الإمام) أي المقدم في زمانه ومنه سمي إمام الصلاة إماما لأنه يتقدم غيره وإنما سماه إماما لأن نافعا كان إمام الحرم المدني ومما قيل إن مالكا كان يصلي وراءه.
قوله: (الخاشع) الخشوع هو الذل والتطامن والتواضع لله والخاشع هو المتواضع لله تعالى
قوله: (أبي رؤيم): هذه كنية نافع وهي أشهر كناه: (وله كنى غيرها منها: أبو نعيم، وأبو الحسن، وأبو عبد الرحمان، وأبو عبد الله، وقوله: (نافع) اسمه وهو نافع بن عبد الرحمان بن أبي نعيم المدني وكان أسود شديد السواد وكان مولى لرجل هو حليف بني هاشم، وكان نافع من الطبقة الثالثة بعد الصحابة وتوفي بالمدينة سنة تسع وستين ومائة وكان رحمه الله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان محتسبا لله، وكان فاضلا ورعا وكان فيه دعابة.
ومن كراماته ما روي عنه أنه كان إذا تكلم تشم من فيه رائحة المسك وقد قال بعض من قرأ عليه: يا أبا عبد الله، أتتطيب كلما جلست تقرئ الناس؟ فقال لي: ما أمس طيبا ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقرأ في فمي.
ويروى تفل في (في) فمن ذلك الوقت توجد الرائحة، وروي أنه جلس للقراءة بعد مائة من الهجرة فقرأ على سبعين من التابعين، وقد روى القراءة عن نافع مائتان وخمسون رجلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *