بعض المنابر الإعلامية في المغرب موقفها اتجاه الدين وحملته وأعلامه ورموزه يسير تماما على خطى “بولس” -شاؤول اليهودي- مُحَرِّف دين النصارى، الذي عَمِل على الانتقاص من مكانة تلاميذ المسيح عليه السلام وجعَلَ نفسَه أفضلَ منهم ووصَفَهم بالأغبياء!! وهذا التقليل من شأن حواريي عيسى عليه السلام كان له أثرٌ كبير في تحريف النصرانيَّة، إذ هَدَم ما جاء به عيسى عليه السلام؛ ومات بولس وتركَ تلامذته ليُكمِلوا مهمَّته في تخريب النصرانيَّة.
وهو العمل نفسه الذي قام به السبئيُّون الذين ادعوا ابتداء مولاة علي ثم عمدوا بعد ذلك إلى سب أبي بكر وعمر وعثمان.
وعلى الخط نفسه أيضا سار العلمانيون الذين لا يتوانون في الطعن في الصحابة الكرام؛ معتمدين في ذلك على التحليل الماركسي المادي للتاريخ وعلى خرافات الشيعة وأوهامهم؛ والأحاديث والأحداث التاريخية التي ينقلونها من غير إسناد أو عن رجال مطعون في عدالتهم.
وقد اعتبر القمني العلماني المتطرف المبغض للتشريع والتاريخ الإسلامي -والذي تنشر جريدة الأحداث المغربية بعض مقالاته- تقديس الصحابة جريمة وكارثة!! حيث قال: “لا ينبغي أن نفرط في تقديس الصحابة؛ فهم رجال ونحن رجال، وهم يخطئون كما نخطئ، والإسراف في تقديسهم أحد أسباب الكارثة التي نعيش فيها، حتى صرنا نضع أمامنا محرَّمات مِنْ صُنْع أنفسنا تمنعنا من حرية التفكير وقَدَّسْنا أشخاصًا غير مقدسين”. واتَّهم الخليفةَ الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان غيرَ صالح للخلافة وغيرَ سويٍّ ليكون خليفة!!
هكذا يتم التعامل مع الصحابة في بعض المنابر الإعلامية الوطنية؛ فتحت غطاء “البحث” و”الموضوعية” يُطعن فيهم ويُشككُ في عدالتهم؛ وينقل الصحافيون أقوال الرافضة والشيعة المخالفة لصريح القرآن والسنة في حق الصحابة؛ مدعين الحياد!! وعدم الميل إلى أي الطائفتين!! وكأن هؤلاء الصحافيون لا دين ولا منهج لهم !!
وإن كنا نعلم أن طعن الأقزام في الجبال الرواسي لن يضرهم؛ خاصة وأن الله تعالى مدحهم بقوله: لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (التوبة: 88)، وقوله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. (التوبة: 100)، إن كنا نعلم ذلك ونعتقده؛ فإننا نأسف أسفا شديدا؛ ولا نجد أي مسوغ لسكوت الجهات المعنية بحماية الأمن الروحي للمغاربة عن هذا الهجوم السافر على رموز الأمة وأعلامها؛ هذا الهجوم الممنهج الواضح الأهداف؛ الذي يدعي تمسكه بدين الإسلام في حين يتوجه إلى قواعده وأصوله ليهدمها، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ، وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ. (محمد:29-30).
فنحن نجد هذه الجهات تخوض في بعض المواضيع الجانية التي لا تمس دين المغاربة ولا انشغالاتهم اليومية؛ ولا تثور ثائرتها إلا إن دفعتها جهات وأحزاب سياسية؛ في حين لا تتعرض بتاتا لرد الافتراءات والطعون التي تنشرها المنابر الإعلامية العلمانية يوميا بين صفوف المغربة “المالكيين”.
فإمامنا مالك رحمه الله يرى قتل من قال بضلال أحد من الصحابة (شرح النووي على مسلم).
فما بالك بالخلفاء الراشدين!!!
وقال مالك: من سب أبا بكر جلد؛ ومن سب عائشة قتل، قيل: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن. (مناقب الإمام مالك للزواوي).
وقال سحنون: من كفَّر أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليا أو عثمان أو غيرهما أوجع ضربا. (مناقب الإمام مالك للزواوي).
فنحن لا نكفر أحدا ولا ندعو إلى قتل أحد؛ وإنما نطالب بتدخل حاسم لكل من المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف؛ ضد هؤلاء الصحفيين أو الكتاب الذين ينشرون مثل هذه السموم اليوم؛ كما ندعو هاته الجهات إلى القيام بواجبها في التعريف بقدر الصحابة رضي الله عنهم هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى يجب على الدولة حكومة وأحزابا وضع قوانين صارمة تنص على تجريم الانتقاص من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وتمكن من متابعة من تسول له نفسه المس بمن أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم بقوله: “الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه”. (رواه أحمد والترمذي).