تهجير اليهود إلى “إسرائيل”.. اليهود المغاربة نموذجا

 

بعد استيلاء الصهاينة على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، أطلقوا عملية تغيير ديمغرافي ممنهجة، فكلما قاموا بالاستيلاء على مدينة أو قرية يقوم الصهاينة بجلب أعداد من اليهود من مختلف بقاع العالم ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصلين وملاكها. 

مع هذه الحاجة الملحة للسكان اليهود انطلقت عملية تهجير اليهود من الدول العربية بحكم القرب والاتصال الجغرافي وسهولة تهريبهم إلى الكيان الصهيوني خلال السنوات الأربع التالية لعام 1948، تاريخ إعلان الكيان عن دولته الاستعمارية، والغالبية العظمى لهؤلاء أتت من اليمن والعراق وشمال أفريقيا، وحتى عام 1952 كان لا يزال يعيش في دول الشرق الأوسط نحو 750 ألف يهودي.

أكبر عملية لتهجير اليهود في الدول العربية

جرت هجرة اليهود المغاربة الذين يعتبرون أكبر تجمع في الدول العربية والذي يقدر عددهم بين 250 و260 ألف يهودي، وتم تهريبهم إلى الكيان الصهيوني على ثلاث مراحل، الأولى قبل استقلال المغرب وكانت علنية بموافقة السلطات الفرنسية، والثانية بعد الاستقلال وكانت سرية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فقد بدأت صيف عام 1961 واستمرت 4 سنوات وتمت بشكل منتظم، وتمت تحت اسم عملية “ياخين”، وهي مفردة مأخوذة من التوراة وتعني أحد الأعمدة الذي يستند عليه الهيكل.

وأطلق الموساد الصهيوني عملية “ياخين” لاستقطاب يهود المغرب، ورغم محاولة الحكومة المغربية منع تسرب المهاجرين اليهود، تحايل الصهاينة على الاتفاق بـ”جوازات سفر جماعية”.

وكانت عملية “ياخين” التي قام بها الموساد الإسرائيلي بين نوفمبر 1961 وربيع عام 1964، وغادر على إثرها حوالي 97.000 يهودي بالطائرة والسفينة من طنجة و‌الدار البيضاء عن طريق فرنسا وإيطاليا، وتم ترتيب الهجرات عبر اتفاق سري بين شعبة الموساد “ميسغيريت” والسلطات المغربية (الأمير مولاي علي ووزير العمل وعبد القادر بن جلون بشكل أساسي).

ماذا استفاد المغرب من تهجير اليهود؟

ذكرت الفرنسية “أغنيس بنسيمون” التي تحولت من المسيحية إلى اليهودية واستقرت بتل أبيب، أن المغرب وبعدما اتفق على خطة تحويل أغلبية يهوده إلى إسرائيل، باع كل يهودي بقرابة 50 دولارا، وأن أحمد رضا اكديرة، توصل بقرابة 50 ألف دولار، على حد زعمها، من عملية تحويل اليهود، وهي التي كان لها الفضل في إنشاءه لجريدته التي تخصصت في الرد على حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية.

أما المؤرخ “يغال بين نون”، فهو يرى أن قيمة الصفقة تجاوزت 50 دولارا للرأس الواحد، ووصلت إلى حدود 250 دولارا، كما أعطى الكثير من التفاصيل حول العملية التي دارت في فندق راق بمدينة جنيف السويسرية، وشارك فيها من الجانب المغربي عبد القادر بنجلون، الذي قدم له الإسرائيليون حقيبة من المال بغرفته، حرصا منهم على عدم وضع المال في الحساب الشخصي للملك أو للدولة المغربية.

ويضيف “بين نون”، أن وزيرا مغربيا معينا، توصل بمبلغ 600 ألف دولار، وتوصل كذلك مجموعة من المسؤولين المغاربة بتعويضات مهمة، وأن الصفقة ككل ربح منها المغرب حوالي 30 مليون دولار، وهو مبلغ مهم جدا بالنسبة لدولة خرجت للتو من براثن الاحتلال الفرنسي.

وذكرت مجلة مختصة في التاريخ، أن الدولة المغربية استفادت كذلك من الإسرائيليين في عملية تصفية المعارض المهدي بنبركة، ومن المرجح أن تكون هي التي جلبت الحمض الذي أذيبت فيه جثته.

كما كان هناك دور مهم لجمعية غوث المهاجرين اليهود التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، والفضل الأكبر في إنجاح العملية، بتمويلها بحوالي 50 مليون دولار من التكاليف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *