جل وسائل الإعلام المغربية تشجع العري وتستخف بالأخلاق نبيل غزال

لا تمشوا عراة

بمثل هذا الأمر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسور بن مخرمة حين انكشفت عورته، فقد روى البخاري ومسلم عن المسور رضي الله عنه قال: أقبلت بحجر أحمله وعلي إزار خفيف، فانحل إزاري ومعي الحجر لم أستطع أن أضعه حتى بلغت إلى موضعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ارجع إلى ثوبك فخذه، ولا تمشوا عراة”.
فكشف العورات وإظهار المفاتن والزينة يحرك الشهوات ويوقع في المحظور، وهو سبيل من سبل الشيطان لإغواء بني آدم، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} أي يا بني آدم لا يخدعنَّكم الشيطان، فيزين لكم المعصية كما زيَّنها لأبويكم آدم وحواء فأخرجهما بسببها من الجنة، ينزع عنهما لباسهما الذي سترهما الله به، لتنكشف لهما عوراتهما.
وجنود الشيطان من الإنس والجن يعملون ليل نهار من غير كلل ولا ملل لإفساد المجتمعات البشرية عامة والإسلامية خاصة حتى ينفذ إبليس جزء من المهمة التي نذر لها حياته، لما قال لرب العزة: “قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ” ولتحقيق ذلك اتخذ من تعرية المرأة وسلبها حياءها أهم وسائل الإفساد، ورحمة من الله سبحانه بعباده حذرهم من كيده وفتنته كما في الآية المذكورة، وجعل من يلوذ بشرعه ويمتثل أوامره ويحقق عبوديته لخالقه في مأمن من كيده وضرره، حيث قال تعالى: “إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ”.
ونظرا لكون صلاح البيوت والمجتمع رهين بصلاح المرأة ووعيها برسالتها، عمل الغرب منذ بدايات الاحتلال إلى يومنا هذا على إخراج المرأة من بيتها وإغرائها بكل الوسائل لتنزع حجابها وتغير زيها بل تبدله تبديلا أخل بكل مقومات دينها وهويتها، فصارت بناتنا عرايا في الشوارع تتخطفهن النظرات وتساومهن على عرضهن ذئاب البشر، حتى أصبحت حالات الإجهاض في مغربنا المسلم تتراوح يوميا بين 600 و800 حالة متمخضة على العلاقة المتسيبة بين الرجل والمرأة.
إن الحجاب ليس قطعة ثوب توضع فوق الرأس وإنما هو امتثال لأمر رباني تعبر المرأة من خلاله عن قناعتها بمفهوم العفة والحياء الذي يشكل عائقا كبيرا أمام الغزو الغربي لثقافة اللباس لدى المرأة المغربية، ويفوت على أصحاب الشهوات ومروجي الألبسة أرباحا طائلة، لهذا كله عملوا على تزيين العري عبر وسائل الإعلام، التي تلعب دورا خطيرا في إفساد الأسرة والمجتمع، فعمدوا إلى تطبيع ثقافة العري والتفسخ من خلالها.
إعلام لا يمثلنا
فبإلقاء نظرة خاطفة إلى ما تبثه مثلا القناة الثانية (2M) من وصلات إشهارية، وأفلام غربية وهندية ومسلسلات مكسيكية وكليبات فاجرة، واحتضان لمسابقات كلها تهتك وانحلال (كاستوديو 2M)، وهي مسابقات يتم من خلالها عرض لحوم الشباب والشابات في عري شبه تام، مع تحريك الأجساد بالرقص الهابط والغناء الساقط والموسيقى الصاخبة، وتبادل القبلات والعناقات، في أجواء من الانحلال والتفسخ والاختلاط.
أما ما تنشره المجلات المغربية مثل “Parade” و”VH” و”Femme du maroc” و”سيتادين” و”نيشان” وغيرها، فضلا عن المجلات المستوردة والتي لا تخضع لأية رقابة دينية أو أخلاقية من مشاهد جنسية صارخة وإشهار لملابس داخلية و”مايوهات” للسباحة.
فقد نشرت على سبيل المثال مجلة للا فاطمة في عددها 27 الصادر في شهر يونيو الجاري تحت عنوان “كوكتيل من لباس البحر” ثمان صفحات لعارضة أزياء ترتدي “مايوهات” للسباحة في أوضاع جد مخلة بالحياء كلها تهتك وخنوع، وهو أسلوب واضح مكشوف من أساليب تطبيع الفاحشة في المجتمع ونشر الفتنة بين الناس.
هكذا يمطرنا إعلامنا الوطني كل يوم بوابل من الصور المخلة بالحياء والمخالفة للدين والقانون والعقل والفطرة، ويسوق لنموذج اللباس الغربي المخالف لديننا وهويتنا وثقافتنا وخصوصيتنا.
إن المرأة في يد الإعلام معول هدم لا بناء، زينوا لها كل رذيلة، وأباحوا لها أن تفعل ما تشاء باسم الحرية الشخصية حتى أصبحنا نسمع من الرجال من يشتكي من إرهاب عري النساء، وهو أشد أنواع العنف ضد الرجال، فهذا العنف أصبح يلاحقهم في الشارع وفي الأسواق وفي المؤسسات، وفي حافلات النقل العمومي المختلطة خصوصاً أثناء الازدحام حيث تتلاصق الأجساد العارية، وفي المؤسسات التعليمية حيث تتفنن المراهقة في اختيار اللباس القصير، الضيق الواصف والكاشف لمفاتنها، وللمناطق المثيرة للغرائز الشهوانية عند الرجال.
كان من نتائج هذا الانحراف والعري الفاضح أن كثر الفسق داخل مجتمعنا، وانتشر الزنا وكثر الاغتصاب، وانشق صرح الأسرة، وأهملت الواجبات الدينية، واشتدت أزمة الزواج وأصبح الحرام أيسر حصولا من الحلال..
ولا ننسى ما ينتج عن ذلك من إثارة للشهوة في النفوس، وتحريك للعواطف وتهييج للغريزة، فيسقط الناس في وحل الفاحشة، ويقع في قبضة المجاهرة بها، ويصبح الوقوع في مستنقع الرذيلة افتخاراً واعتزازاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *