حكم ومواعظ

حلاوة العبادة
قال نصر بن محمود البلخي: قال أحمد بن حرب: عبدت الله خمسين سنة، فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء: تركت رضى الناس حتى قدرت أن أتكلم بالحق، وتركت صحبة الفاسقين حتى وجدت صحبة الصالحين، وتركت حلاوة الدنيا حتى وجدت حلاوة الآخرة.
من صفات علماء الآخرة
أن يعلموا أن الدنيا حقيرة، وأن الآخرة شريفة. وأنهما كالضرتين، فهم يؤثرون الآخرة، ولا تخالف أفعالهم أقوالهم، ويكون ميلهم إلى العلم النافع في الآخرة، ويجتنبون العلوم التي يقل نفعها إيثاراً لما يعظم نفعه.
ومن صفات علماء الآخرة: أن يكونوا منقبضين عن السلاطين، محترزين من مخالطتهم.
قال حذيفة رضي الله عنه: إياكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه.
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء، فاحذروا منه فإنه لص.
وقال بعض السلف: إنك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
ومن صفات علماء الآخرة: أن لا يسترعوا إلى الفتوى، وأن لا يفتوا إلا بما يتيقنون صحته.
وقد كان السلف يتدافعون الفتوى حتى ترجع إلى الأول.
ومن صفاتهم: أن يكون أكثر بحثهم في علم الأعمال عما يفسدها ويكدر القلوب ويهيج الوساوس، فإن صور الأعمال قريبة سهلة، وإنما التعب في تصفيتها.
ومن صفاتهم: اتباع الصحابة وخيار التابعين، وتوقي كل محدث.
القناعة:
كانت النساء في السلف إذا خرج زوج إحداهن من منزله يقول له أهله، إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
أقوال في العزلة:
قال عمر: خذوا حظكم من العزلة.
وقال سعد: لوددت أن بيني وبين الناس باباً من حديد، لا يكلمني أحد ولا أكلمه حتى ألقى الله سبحانه.
وقال أبو الدرداء: نعم صومعة المرء المسلم بيته، يكف لسانه وفرجه وبصره.
درر وفوائد
عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب) رواه الإمام أحمد، وابن ماجة.
في معنى وضعها أجنحتها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه بسط الأجنحة.
الثاني: أنه بمعنى التواضع لطالب العلم.
الثالث: أن المراد به النزول عند مجالس العلم وترك الطيران.

لمريد الآخرة في زكاته وظائف:
الأولى: أن يفهم المراد من الزكاة، وهو ثلاثة أشياء: ابتلاء مدعي محبة الله بإخراج محبوبه، والتنزه عن صفة البخل، وشكر نعمة المال.
الوظيفة الثانية: الإسرار بإخراجها لكونه أبعد من الرياء والسمعة.
الوظيفة الثالثة: أن لا يفسدها بالمن والأذى.
الوظيفة الرابعة: أن يستصغر العطية، فإن المستعظم للفعل معجب به.
الوظيفة الخامسة: أن ينتقي من ماله أحله وأجوده وأحبه إليه.
الوظيفة السادسة: أن يطلب لصدقته من تزكو به.

فوائد العزلة:
الأولى: الفراغ للعبادة، والاستئناس بمناجاة الله.
الفائدة الثانية: التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض لها الإنسان غالباً بالمخالطة كالغيبة.
الفائدة الثالثة: الخلاص من الفتن والخصومات، وصيانة الدين عن الخوض فيها.
الفائدة الرابعة: الخلاص من شر الناس، فإنهم يؤذونك مرة بالغيبة، ومرة بالنميمة، ومرة بسوء الظن.
الفائدة الخامسة: أن ينقطع طمع الناس عنك، وطمعك عنهم.
الفائدة السادسة: الخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى.

اعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب:
منها: الإصرار والمواظبة.
ومنها: أن يفرح بالصغيرة ويتمدح بها.
ومنها: أن يأتي بالذنب ثم يذكره بمحضر من غيره.
السؤال (سؤال الناس) في الأصل حرام، لأنه لا ينفك عن ثلاثة أمور:
أحدها: الشكوى.
والثاني: إذلال نفسه.
والثالث: إيذاء المسؤول غالباً.
الدين
الدَّين الذي يكون في ذمم الناس: -إما أن يكون عند الأغنياء- أو عند الفقراء.
فإن كان عند أناس فقراء فليس فيه زكاة، إلا إذا قبضتَه، فتزكيه لِسَنَةٍ واحدة.
وأما الدَّين الذي عند الأغنياء ففيه زكاةٌ كلَّ سنة؛ ولكن إن أحببتَ أخرجتَ زكاته قبل القبض، وإن أحببتَ فيما بعد أخرجتَ زكاته بعد القبض.
ومن أمثلة الدنيا
قال يونس بن عبيد: شبهت الدنيا كرجل نائم، فرأى في منامه ما يكرهه وما يحبه، فبينما هو كذلك انتبه.
ومثل هذا قولهم: الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.
والمعنى أنهم ينتبهون بالموت وليس في أيديهم شيء مما ركنوا إليه وفرحوا به.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *