“التايم” تعطي دروسا مجانية للعلمانيين في العالم العربي

سلطت وسائل إعلام غربية الضوء على الصراع الدائر في العالم العربي بين القوى الإسلامية والليبرالية وحقيقة الميل نحو الديمقراطية بين الطرفين وكيفية استغلال كلا منهما للديمقراطية في تنفيذ وتحقيق طموحاته السياسية.
ويعتقد محللون غربيون أن الإسلاميين في العالم العربي حققوا انتصارات كبيرة في الانتخابات بسبب انفتاحهم على الديمقراطية بصورة جيدة، وذكروا أيضا أن (الربيع العربي) تفهم الديمقراطية أكثر بكثير من القوى العلمانية والليبرالية التي واجهتها، مضيفين أن الاتهامات التي وجهت لتلك الحركات باستخدام المال أو الدعاية الكاذبة ليست مضخمة فحسب، بل تحمل في طياتها نظرة استعلائية من الليبراليين تجاه الناخبين الذين يجري الحديث عنهم على أنهم “سذج”.
وقال بوبي غوش، الكاتب المعروف في مجلة “تايم”: “لماذا فشل الليبراليون، الذين تزعموا الثورات في المنطقة، في تحقيق نتائج جيدة بالانتخابات؟
لقد سمعت مجموعة من الإجابات منهم في القاهرة مماثلة لتلك التي سمعتها في تونس، وبينها أنهم حاولوا تنظيم أنفسهم خلال ثمانية أشهر، بينما ينشط الإخوان منذ 80 سنة، إلى جانب أن الإسلاميين لديهم القدرة على الإنفاق أكثر بكثير منهم..”.
وتابع غوش قائلاً إن من بين التبريرات التي سمعها أيضاً أن جماعة الإخوان والتيار السلفي: “استخدما الدعاية الدينية لتضليل الكثير من الناخبين الأميين والفقراء”!!
ورأى غوش الذي حوارته شبكة “سي أن أن” الأمريكية أن الأسباب التي وردت على لسان الليبراليين والعلمانيين غير مقنعة، إذ أن التيار السلفي حديث النشأة!! وقد تمكن بدوره من تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة، كما أن قوائم الليبراليين تضم أثرياء بوسعهم الإنفاق على حملاتهم، كما أن هيئات الرقابة الدولية لم تؤكد وجود عمليات تزوير لنتائج الانتخابات.
وأضاف: “أما القول بأن الإسلاميين خدعوا الناخبين فهذا يدل بالضرورة على أن معظم المقترعين هم من السذج”!! معتبراً أن هذه النظرة من قبل الليبراليين تجاه الناخبين بسبب عدم التصويت لهم “تشرح سلوكهم السياسي تجاه جمهورهم وتوفر المفتاح لفهم أسباب فشلهم الذريع”.
ويرى الكاتب أن التيارات الإسلامية تفهم الديمقراطية أكثر بكثير من الليبراليين والعلمانيين في المنطقة العربية، واستدل على ذلك بقوله إن مسارعة الإسلاميين في تونس والمغرب لإجراء تحالفات انتخابية مع قوى يسارية وعلمانية، وتأكيدهم المتكرر على أنهم لا يسعون للحصول على كرسي الرئاسة ولا يرغبون بفرض النموذج الإيراني بدولهم، الأمر الذي بدد الكثير من المخاوف حيال برنامجهم.
وقال غوش أن تلك القوى أستثمرت عقود من خدمة المجتمع وبناء المؤسسات والأعمال الخيرية في حملاتها الإنتخابية و أظهرت للناس قدرتها على تقديم الكثير لهم، وبحسب وصف الكاتب أيضا فإن التقوى التي ظهرت من قبل الإسلاميين منحتهم الثقة الناخبين.
وخلص الكاتب إلى القول إن الاختبار الحقيقي لديمقراطية الإسلاميين يتمثل في تصرفهم خلال المرحلة التي تعقب الانتخابات، ولكنه توقع لهم النجاح في هذا الاختبار باعتبار أن الإسلاميين يواصلون محاولة بناء التحالفات مع القوى الأخرى من جهة، إلى جانب أنهم بحاجة لسائر القوى لضمان الغالبية البرلمانية من جهة أخرى.
ودعا الكاتب في مجلة تايم الليبراليين إلى تعلم التحول إلى (معارضة بناءة) في البرلمان عوضا عن العودة إلى الشوارع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *