جْدْبَة” سميرة سطيل نبيل غزال

جميعنا نتذكر مواقف وتصريحات العلمانيين والأحزاب والجمعيات التابعة لهم إبان الحادث الإرهابي الذي شهدته مدينة الدار البيضاء سنة 2003؛ فحينها انتفض القوم وحاولوا استغلال الفرصة التي هيئت لهم جيدا؛ وقاموا قومة رجل واحد وأدخلوا الإسلام في قفص الاتهام، وصرح كبراء أحزابهم آنذاك أنه: “ليس في القنافذ أملس؛ فالإسلامي المتطرف لا يمر إلا عبر الإسلامي المعتدل”.
وخرجت سميرة سطيل مديرة قسم الأخبار ونائبة مدير القناة الثانية في برنامجه “تو لو موند أون بارل”؛ رفقة الفنان جمال الدبوز على براتو الصحفي الفرنسي “تيري أردسون” وهاجمت حزب العدالة والتنمية بشراسة وعصبية وجرأة لافتة للانتباه؛ ذكرتنا بـ”جدبتها” قبل سنتين في مهرجان “كناوة” في الصويرة؛ حين أطلقت العنان لماردها و”جدبت” على إيقاء موسيقى كناوة “جدبة”!! أثارت انتباه عدد من الحاضرين.
ويبدو أن سلوك “الجدبة” ينتاب رئيسة قسم الأخبار كلما ذكر الإسلام والإسلاميون؛ أو حتى شمت رائحتهم ولو من بعيد، حيث جدبت “سطيل” وقتئذ على حزب العدالة والتنمية واعتبرته قطارا وصل متأخرا؛ وحزبا لا يملك مشروعا مجتمعيا ولا مطالب ولا رسائل!! ويلعب فقط على وتر الاسلام والعروبة والهوية!! ويحاول أن يستفيد من ذلك.
وها هي عجلت الزمان قد دارت؛ ولم تمر إلا ثمان سنوات حتى صوت المغاربة لهذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية؛ ورفع من كان في قفص الاتهام بالأمس إلى سدة الحكم اليوم؛ ليتبين لنا بذلك قطار من وصل متأخرا!! ومن لا يملك مشروعا مجتمعيا يتوافق ومرجعية المغاربة ويقنعهم بالتصويت لصالحه!!
وليتضح لنا أن الأمر لا يعدو أن يكون تحاملا على طرف مخالف؛ وتحليا بثقافة الحقد والكراهية التي تتشبع بها فئة من المفسدين كان أملها كبيرا أن تجهز على كل غيور وتمسخ كل مشرف وتدنس كل مقدس.
ثم إن اعتلاء امرأة من هذا النوع وبهذه المرجعية؛ بلغت بها درجت التغريب ألا تكتفي بإلقاء التحية على الأجانب (بالبنجرة) على الطريقة الفرنسية؛ ولا بمصافحة الرجال الأجانب عنها؛ بل بإلقاء القبل الحارة أمام عدسات الكاميرا؛ وعلى مرأى من العالم أجمع! اعتلاء شخص بهذا الفكر وبهذه المرجعية منصبا رفيعا في قناة وطنية تمول بأموال الشعب؛ يكشف لنا مدى التسلط العلماني على مراكز حساسة في التأثير على الرأي العام؛ والتناقض الصارخ بين مرجعية وإرادة الشعب من جهة؛ وبين توجهات النخبة التي تتولى التعيين في مراكز القرار من جهة أخرى.
وهو الأمر الذي يجب أن يتفطن له جيدا رئيس الحكومة الجديد؛ السيد عبد الإله بكيران؛ الذي أخذ على عاتقه كما سوق في حملته الانتخابية محاربة الفساد والمفسدين، فإفساد العلمانيين في وسائل الإعلام العمومية في بعض مناحيه أعظم جرما من إفسادهم في المجال المالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *