في منتصف القرن التاسع عشر ارتفعت من جديد نداءات الاتحاد بين الكنيستين: ففي عام 1848م وجَّه البابا بيوس التاسع نداءه إلى الكنائس الشرقية للاتحاد مع كنيسة روما إلا أنه رُفِضَ كما رفض غيره من قبل.
في عهد الأمير أيفان الأول 1328 – 1341م أصبحت موسكو المركز الروحي لروسيا بانتقال رئيس أساقفة روسيا من كييف إلى موسكو.
تمتعت كنيسة روسيا بحماية ملوك المغول، وعدم تدخلهم في سياستها مما ضاعف من نفوذها وثرواتها.
في مايو 1453م فتحت جيوش السلطان العثماني محمد الفاتح مدينة القسطنطينية، فأمَّن أهلهم وطمأنهم على أنفسهم وأعراضهم، ومنحهم حق الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر والعبادات الخاصة بهم، وأعلن الكثير منهم إسلامهم، ومن ثم أمر بتحويل كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد. في الوقت نفسه اجتمع مع الأساقفة وهدَّأ من روعهم، وأمر بتنصيب بطريرك جديد، فانتخبوا جليارنوس الذي استقبله السلطان محمد الفاتح بحفاوة وإكرام بالغ.
جعل السلطان بطريرك القسطنطينية رئيس النصارى الديني والمدني، وجرى تقسيم الكنيسة الأرثوذكسية البلقانية إلى وحدات قومية، أصبحت القسطنطينية مركزاً لليونان، وأصبح للصرب بطريركاً خاصًّا في بيج بيوغسلافيا، والبلغار مطرانيتهم في أوهريد. أما سكان رومانيا فكان لهم مؤسسات دينية مشابهة، وعهدت الحكومة العثمانية للكنيسة بسلطة إدارة العديد من الوظائف والمهام الدينية والمدنية، وبذلك أصبحت الكنيسة جزءاً من الجهاز الحكومي، وهكذا مارس بطريرك القسطنطينية سلطات أوسع من السلطات التي كانت مُخوَّلة له عام 1588م في الدولة البيزنطية، وجرت أعيادهم وعبادتهم بحرية أوسع تحت حماية الدولة العثمانية.
استقلت الكنيسة الروسية ببطريركية مستقلة عام 1588م وأبطلت سيادة كنيسة القسطنطينية عليها بعد فرار البطريرك اليوناني من القسطنطينية إلى موسكو.
وفي عام 1589م عين الإمبراطور فيودا الأول أول بطريرك روسي وحمل بطاركة الشرق على الاعتراف به عام 1593م.
أصبحت الكنيسة الروسية ذات أهمية خاصة بعد سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين عام 1453م فقد اعتبرت نفسها المركز الحقيقي والحامية للأرثوذكسية الصحيحة، وبذلك أصبحت روما الثالثة، يقول الراهب فليوثيوس من باسكوف: “لقد سقطت الرومايان (روما والقسطنطينية) وهذه روما الثالثة، ولن يكون هناك روما رابعة”.
في أثناء حكم نيكون 1652 – 1658م انقسمت الكنيسة الروسية نتيجة لاقتراح نيكون بضرورة أن تتطابق الكنيسة الروسية في أفكارها، ومعتقداتها الكنيسة الإغريقية.
ألغى بيتر العظيم عام 1721م البطريركية الروسية وتبنى المذهب البروتستانتي.
ألغى الإمبراطور بطرس الأكبر البطريركية الروسية مرة ثانية، وتولى مجمع السينودس المقدس إدارة الكنيسة في المسائل الدينية محتفظاً لنفسه وخلفائه برئاستها.
في عام 1744م أصدرت بطريركية الكنيسة في القسطنطينية مرسوماً بتحريم الماسونية والانتساب إليها.
وفي أيام الإمبراطورة كاترين استولت الحكومة على أملاك الكنيسة الروسية واحتفظت لنفسها بأمر تعليم الكهنة وتعيينهم، وقد استمر أثر هذه الإجراءات حتى عام 1917م حيث الثورة البلشفية التي أدخلت النصرانية في روسيا في مرحلة جديدة منفصلة بذلك عن الكنائس الأخرى، وانتُخِب أول بطريرك لها أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالتالي أصبحت تعلن ولاءها للحكومات الشيوعية وتؤكد سياستها ضد الغرب.
استقلت الكنيسة اليونانية في عام 1833م عن كنيسة القسطنطينية.
ظهرت في بلغاريا حركة تعمل على إصلاح الكنيسة البلغارية برئاسة الأب نيوفت بوزقيلي، وبعد أن عينت الحكومة العثمانية أساقفة غير بلغاريين على الكنيسة البلغارية.
وفي عام 1860م أعلن الأسقف غيلادبون مكاريو بولسكي استقلال الكنيسة البلغارية، ووافقت السلطات العثمانية على ذلك، وأنشأت لهم كنيسة خاصة في استانبول تحت رئاسة مطران وهيئة مساعدة خاصة بهم.
وردًّا على ذلك عقد مجمع القسطنطينية عام 1873م بحضور بطاركة القسطنطينية وأنطاكية وأورشليم والإسكندرية ليصدر قراراً بحرمان جميع النظام الكنسي البلغاري.
بعد سيادة الشيوعية في دول شرق أوربا انضمت الكنيسة البلغارية والرومانية إلى الكنيسة الروسية مرة أخرى.
استقلت الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية عام 1939م عن الكنيسة الروسية التي ظلت تابعة لها منذ تأسيسها عام 1860م على يد إرسالية أرثوذكسية روسية.
وللحديث بقية