اليوم العالمي لمكافحة السيدا يجب العمل على الحد من الزنا لمحاربة السيدا لا تأمين الاتصالات الجنسية المحرمة شرعا والمجرمة قانونا بقلم: أبي معاذ مصطفى الونسافي

تحت شعار “لنوقف السيدا ونحقق وعودنا”, أحيا العالم في الفاتح من شهر دجنبر المنصرم “اليوم العالمي لمكافحة السيدا”, حيث نظمت الجمعيات والمؤسسات ـالحكومية وغير الحكوميةـ في مختلف بقاع العالم مجموعة من التظاهرات والأنشطة التي تتحدث عن الداء المحيِّر: السيدا, وتخلل الأنشطة -ككل عام- أعمال سينمائية, ومهرجانات موسيقية, يزعم منظموها أنها من جهة: تساعد على الحد من السيدا من خلال عرض أفكار وخطوات “عملية” لإيقاف الداء, ومن جهة ثانية: يخصص ريع هذه الأعمال لمساعدة المصابين في الدول الفقيرة.
سبحان الله! ألا يعلم هؤلاء أن “جهودهم” تضيع سدى, فكل عاقل -فضلا عن كل مسلم- يعلم يقينا أن السبب الأول والمباشر لإنتشار السيدا هو الزنا, وبما أن هذه “الفنون” التي يُشِيعُها دعاة “التحضر والمدنية” تشجع على ارتكاب الفواحش (لِما فيها من اختلاط وتبرج ومجون و…), فلماذا يصرون عليها إلى درجة جعلها في قائمة “أنجع الأدوية” لعلاج هذا الداء؟! أم أنهم يحاولون إخماد النار بالزيت؟!! فلا يفعل هذا من له ذرة من عقل.
ولنلق نظرة سريعة على إحصاءات منظمة الصحة العالمية الخاصة بعدد المصابين في كل دولة, حيث تأتي الدول الوثنية, في جنوب شرق آسيا وافريقيا, على رأس القائمة السوداء, تليها دول الغرب وفي مقدمتها رمز “التقدم والحضارة” الولايات المتحدة الأمريكية, ثم باقي الدول.., وتأتي الدول الإسلامية في آخر القائمة.
ولكن رغم أن هذه الإحصاءات يُفهَم منها أن السيدا وباء نزل لكثرة ذنوب البشر، إذ كثرة انتشاره تتناسب مع قلة أو كثرة المتدينين في كل مجتمع, على اعتبار أن معدل الإصابة مرتفع جدا في الدول البعيدة عن التدين بعكس الدول الإسلامية التي تعد محافظة إذا قورنت بغيرها, إلا أن فئة في المجتمع شذت عن هذا الفهم السليم: إنهم بنو علمان, فهؤلاء لهم تفسير مغاير, فالسبب -حسب هؤلاء- “لايعدو أن يكون عدم أخذ بعض الإحتياطات الوقائية/الصحية, كعدم استعمال العازل الطبي عند ممارسة الجنس مع شركاء متعددين..”, ويروجون هذه الأكذوبة وغيرها في القنوات الفضائية والجرائد والمجلات. كما يقولون:”إن عددا من النساء المصابات ينقلن المرض لأبنائهن أثناء الولادة”, ويقولون:”هناك من أصيب لأنه استخدم أدوات طبية غير معقمة”, والكل يعلم أن هذه حالات نادرة, ولا أحد يمانع في التنبيه الناس إلى ذلك.
ويقولون:”إن سبب تدني معدل الإصابة في الدول الإسلامية هو شيوع ثقافة التزمت والإنغلاق, في حين ينبغي على الشباب أن ينفتحوا, وأن يتمتعوا بحياتهم, لأن التزمت والإنغلاق يؤديان إلى التشدد والتطرف”, بينما يشهد الواقع, علاوة على الشرع, أن الشباب الملتزم (المتطرف والمتزمت بالمقاييس العلمانية) هو الأقل عرضة للتشدد يمينا أو يسارا, ويقولون.., ويقولون.., يقولون كل شيء إلا أنهم لا يصرحون: أن السيدا سببها الزنا واللواط، بل يعبرون عنها بالاتصال الجنسي لأنهم لا يرون تجريم أو تحريم ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج لذا يتعاملون معه بواقعية علمانية، والتي تقتضي علاج الوباء دون أي تدخل من طرف الدين، كما أنهم لا يسعون في حملاتهم إلى الحد من ممارسة الزنا بل يجتهدون في تأمين الاتصالات الجنسية المحرمة من خطر السيدا وذلك بتوزيع العوازل الطبية وحث الناس على استعمالها.
فالقضية إذن, هي أن بني علمان يحاولون عبثا إيهام الناس أن السيدا انتشرت حين غفل الناس عن أخذ احتياطاتهم من الناحية الطبية, والحقيقة أنهم يسوقون هذه الفكرة لإنجاح مشروعهم “الحداثي العلماني” التغريبي, الذي يهدفون من خلاله إلى سلخ هذه الأمة عن هويتها, إذ الحداثة تقوم على “تحرير” الفرد من “القيود” الثقافية (قيم العفة والحياء وغيرها), والخروج به من “ظلام الخرافة” (الدين), إلى “نور العلم” (كل علم ماعدا العلم الشرعي), وقد حشدوا في سبيل ذلك عدة وسائل أبرزها: التعتيم الممنهج على الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام, والعمل -بالموازاة مع ذلك- على نشر الفجور والعري في القنوات الفضائية, من خلال كم هائل من البرامج والأفلام الداعية للرذيلة وسوء الخلق, أما في الجرائد والمجلات فلم يعد يخفى على الصغير والكبير ما فيها من صور المومسات وسِيَرِهِنَّ بالتفصيل الممل, إلى جانب عدد كبير من المقالات والقصص المؤججة لنار الشهوات. يقول الحق صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النور:19.
وإن تعجب فعجب قولهم:”لنوقف السيدا ونحقق وعودنا”!!, إنها قمة الخبث والمكر. يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : “…لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها, إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا… “[ابن ماجة والحاكم بسند صحيح, وصححه الألباني].
فهل يا ترى نقتدي بكلام خير البرية؟ أم نتبع أهواء علمانيين متعالمين يدَّعون التقدم والحرية؟!
فيا أيها العاقل: عندك كتاب الله وسنة نبيه, فاتخذهما سبيلا ولا تبتغي ما يخالفهما فلن يغني ذلك عنك شيئا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *