سورية.. وحسابات الناتو الأخرى..!؟

في الوقت الذي يبعثر فيه الناتو قواته في كافة أرجاء وطننا العربي والإسلامي، ويهاجم فيه من شاء وقتما شاء، وبأي حجة شاء، نراه اليوم يحجم ويعلن امتناعه عن المشاركة في دعم ومساعدة الشعب السوري الأعزل؛ لوقف المذبحة الشيعية العلوية التي يسهر عليها بشار وزبانيته وأسياده القابعون في قم ولبنان والكيان الصهيوني.
وليس حديثنا هنا إقرارا منا بعدل الناتو وإنصافه لشعوبنا الإسلامية، فليس من حَرَق المصحف وأهان كلام الله، ودمَّر الشعب الأفغاني وهتك ستره، وذبح وقتل في المسلمين هنا وهناك، بحريص على دم مسلم واحد سوري كان أو غير سوري، ولكننا نعرض هنا لموقف الناتو لنبين ازدواجية المعايير التي يتحاكم إليها، ولنبين أيضا أن دخوله في ليبيا أو غيرها من الدول لم يكن لنشر السلم والسلام كما يزعم، أو لنشر الديمقراطية والحرية كما يزعم أذناب الاستعمار، بل إن للأمر حسابات أخرى يعمل لها الناتو ألف حساب هو وقادته في أمريكا ودول الغرب كافة.
فحِلف الناتو كما هو معروف منظمة تأسست عام 1949م بناء على معاهدة شمال الأطلسي، والتي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 أبريل 1949م، والدور الرئيسي لهذا الحلف هو حراسة حرية الدول الأعضاء وحمايتها من خلال القوة العسكرية، ويلعب دوره من خلال الأزمات السياسية، وكل الدول الأعضاء فيه تساهم في القوى والمعدات العسكرية التابع له، مما يساهم في تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف، لهذا فهذه الدول لن تغامر بجنودها وأنبائها لنصرة قضية هي في الأساس صنيعة غربية استعمارية، فما من ديكتاتور عربي إلا وللغرب عليه أفضال، وما طال حكم طاغية إلا بمساعدة غربية.
إذن فلا عجب أن يخرج علينا أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ويقول: “إن سورية لا تدخل في جدول أعمالنا، والناتو لا ينوي التدخل في الأزمة السورية ولكنه يتابع الوضع هناك باهتمام”.
ثم يعاود من تركيا ويؤكد على ما هو أشد ويقول: “إن الحلف لا يعتزم التدخل في سوريا حتى في حالة صدور تفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين”..
وكأن مسألة حماية الشعوب والأقليات والعرقيات، لا تنطبق إلا على غير المسلم، أما إن كان مسلما فالأمر شأن داخلي، وللسياسة والساسة والمفاوضات أن تعمل فيهم حتى لو أبيد المسلمون عن بكرة أبيهم.
وقال في وقت آخر لوكالة رويترز إنه “رفض إمكانية تقديم أي إمدادات أو مؤن لدعم “ممرات إنسانية” مقترحة، لنقل مواد الإغاثة للبلدات والمدن التي تعاني من وطأة حملة القمع التي يشنها الرئيس السوري بشار الأسد ضد (محتجين) يطالبون بالديمقراطية!!”.
وأبدى راسموسن تشككا عند سؤاله عما إذا كان موقف الحلف سيتغير في حالة صدور تفويض من الأمم المتحدة، وقال: “لا؛ لا أعتقد هذا لان سوريا أيضا مجتمع مختلف.. إنه أكثر تعقيدا من الناحية العرقية والسياسية والدينية. ولذلك السبب أعتقد بالفعل أنه لا بد من إيجاد حل إقليمي”.
وكأن ليبيا كانت طيِّعَة للناتو!! أولم يكن في ليبيا قبليات وعرقيات تابعة للقذافي، ورغم ذلك دخلها الناتو وأعمل فيها قواته، وقتل وهدم ودمر؟ أم أن آبار ليبيا ونفطها وثرواتها تعمي وتصم؟
الحقيقة التي لا خلاف عليها أن الناتو والغرب عامة يسعى لتطويل عمر الدولة الإيرانية التي آلت للسقوط وإنعاشها بكافة السبل، بإنعاش حليفها الأكبر في المنطقة “بشار وطائفته”، وعملقة دور إيران في بعض الأحيان، لتظل إيران كابوسا قابعا على صدور العرب والمسلمين، وفي الأمر منافع للغرب، ففيها ضمانة لبقاء قواعده في الخليج وباقي دول المنطقة، وفيها ذريعة قوية لشراء السلاح وتشغيل مصانع الغرب هناك، وفيها مآرب آخرى..
أما عن الموقف بصفة عامة وإمكانية التدخل من عدمه فهو أمر غير موثوق به، لأن الناتو قد يعتزم في يوم وليلة التدخل في الشأن السوري، لكن هذا لن يحصل -إن حصل- إلا بعد خراب سوريا كما حدث في ليبيا، وذلك لضمان الولاء التام من قبل الثوار لحلف الناتو، ولتقديم كافة التنازلات وأهمها على الإطلاق استتباب المصالح الغربية، وضمان الحماية التامة والكاملة للكيان الصهيوني فيما بعد.
(مركز التأصيل للدراسات والبحوث)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *