بعد أن وقع الانقلاب العلماني على أول معالم الحرية في أرض مصر، انقلب ليلنا نهارا… وتزاحمت علينا الخواطر… فعايشنا أحداث منصة رابعة العدوية وزميلاتها… فأمَّنا لدعاء الناس، وأنصتنا لهتافاتهم، وتأملنا في كلمات أهل العلم والسياسة والقانون على منصتها، فقاسمناهم صيامهم، وفرحنا لقيامهم، فلما كان يوم عيدهم.. اهتزت قلوبنا لمشاهد الفرح في حركات الصغار عندهم، وطابت نفوسنا لفتح قريب، إلى أن كان اليوم الأسود الذي أبكى العين، وأفسد الحال…
فرأينا الدماء والخراب والنار تحطم أحلاما نسجناها بدفء الأمل تحت نور اليقين، فانقلبت الأفراح أحزانا، وتوالت المصائب، وإذا بحصار مسجد الفتح الذي أرغمنا على السهر طول الليل وأيدينا تشد يمناها على يسراها خوفا وطمعا، فأصبح الصباح والناس في مرج من أمرهم..
كان من اليقين عندي أن الحق لا يقاوم سلطانه، وأن الباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، وكنت أنظر إلى ما يحصل لإخواننا وأخواتنا من قتل واعتقال وإذلال، فلا أجد إلا الدمع في عيني، وأقول: هل أخطأنا في تعريف العلمانية؟
أيمكن أن يصل الحال بها إلى هذه الوحشية؟!
فما كان يجري أمر تجاوز قدر الخيال الذي استطعنا تصوره، خيال وسعه صنيع زبانية الكفر وسماسرة الفتن، وبلطجية النفاق وصناع المحن، امتلأ كل شيء في مصر.. امتلأت المشرحات بجثث الشهداء.. وامتلأت السجون بالمعتقلين، وامتلأت الفضائيات بإفك الكذابين، وامتلأت الشوارع بالمتظاهرين.. وامتلأت صحف الظالمين عند رب العالمين
أهانوا بيوت الله وحرقوها… حاصروها وأهانوها… فكان لزاما عليهم خزي في الدنيا وأشد العذاب يوم القيامة ثم فضت رابعة، فانتشرت في شوارع مصر كأنها فراشة خرجت من شرنقة، هذه مصر اليوم تنزف دماء شهداء، وتتقيء العملاء… بعد عام واحد كشفت مصر عن كم كبير من النتانة الشديدة.. وها هي تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد.
مصر اليوم دولة بلطجة… فما يؤمن الناس بعدها على أموالهم وأعراضهم ودمائهم.. بل على دينهم، وكنت طوال قصة مصر أحاول كتابة شعر أبث فيه حزني وشكاتي… وأحكي فيه عجري وبجري وما كنت أستطيع من شدة ألمي، أو تمنع في قصائدي، إلى أن من الله علي فأزال حجاب التشتت عن قلبي فصفا، فرأيت أصابعي تسرع إلى كتابة هذه الأبيات التي وضعت فيها بعض آلامي وآمالي… وما خفي كان أعظم والله الموفق.
هل جاءكم خبر انقلاب ظالم
أبدى بنو علمان حقدا سافلا مدوا يدا بالإثم غدرا واعتدوا سيسي تولى كبر أقبح غدرة ماذا أقول ودمع عيني غالب خرجت جموع الغاضبين وأعلنت فرموهمُ برصاص حقد قاتل قتلوا نساءا معْ رجال عزل جعلوا ميادين الكرامة والإبا أما الشهيد فلا يموت وإنما حرَقوا بيوت الله حقدا منهم وتظاهرَ الإعلام في قنواتهم قنوات عهر ليس ترقب ذمة سينالهم دعوات شيخ قائم أين المشايخ أين صوت تناصر الفجر لاح وقد تبدى نوره |
في أرض مصرَ على رئيس مسلم
وتناصروا بولائهم لأعاجم بخيانة عظمى وقبح جرائم وأقره فيها رئيس عمائم والريق جف لحسرة وتألم إنكارها في هِدأة وتسالم فتعالت الأرواح مثل حمائم بل حرَّقوهم فعل أنذل مجرم أمواجَ بحر من دم متلاطم يلقى الجنان بثغره المتبسم فجزاؤهم خزي ونارُ تَفَحُّمِ فتلونت إفكا بأسودَ قاتم في ساجد أو قارئ أو صائم أو لعنة من صالح أو عالم أم قد تواصوا بينهم بتكتم فاستبشِروا منه بنصر قادم |