التنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن بشراكة مع جمعية علا المجد (بمدينة سلا) رحلة لتقديم مساعدات إلى الأسر المعوزة في جماعة إتزر التابعة لإقليم ميدلت.
هكذا بدأت الرحلة
كان البدء من مدينة الرباط يوم الأحد 26 فبراير 2012م.
مئات الكيلومترات في اتجاه الشرق بدأت تظهر لنا الجبال مكسورة ببياض الثلوج.
مباشرة بعدما تجاوزنا مدينة أزرو في اتجاه مدينة ميدلت، كانت الفرحة تملأ قلوبنا إذ عملنا طيلة أسبوع كامل على جمع تبرعات المحسنين من ملابس وأحذية وبعض الأغطية، بالإضافة إلى 50 كيس من المواد الغذائية الضرورية..
خضنا رحلتنا ونحن أمل أن نتواصل مع إخوان لنا وأبنائهم في منطقة بعيدة عنا منعتهم الفاقة أن يعيشوا في اكتفاء، لكن عندما وقفنا على حقيقة الأمر وجدناهم يحتاجون إلى الكثير من ضروريات الحياة.
جماعة إتزر ترحب بكم
بعدما تجاوزنا مدينة تمحضيت سلكنا طريقا بين الجبال فأحسسنا بالحرارة تنخفض، وبعد قرابة نصف ساعة وصلنا إلى جماعة إتزر (إتزار) التي تبعد عن الطريق الرئيسية بخمس كيلومترات، وهناك استقبلنا السيد محمد الكروشني رئيس جمعية أطلس خيط وألوان ومجموعة من أعضاء مكتب الجمعية، بعد حفاوة الاستقبال طلبنا منه أن يتحدث لنا عن أوضاع الجماعة، فأخبرنا أنها تعاني تهميشا خطيرا يزداد صعوبة مع فاقة الساكنة وعدم استفادتهم من مداخيل موارد ثروات الجماعة التي تعتبر غابة الأرز أهمها، إضافة إلى ضعف البنية التحتية وشح المؤسسات الضرورية..
وبالنظر إلى عدم معرفتنا بأرقام وحالات الأسر المحتاجة، قدمنا جميع المساعدات التي جئنا بها إلى جمعية أطلس؛ ليقوم مكتبها بتوزيعها بطريقة صحيحة، وفضلنا أن نقدم المساعدات بأيدينا لأكثر الأسر فاقة وحاجة، فدلنا رئيس الجمعية على مجموعة من الأسر (18 أسرة) التي اتخذت بعض محلات السوق مسكنا لها بعدما هدمت بيوتهم الطينية بسبب عوامل التعرية وهطول الأمطار القوية.
أرسلنا من يقوم بإحضار تقرير عن عدد أفراد الأسر وأعمارهم، فلما جهز التقرير عمل أفراد الرحلة وبعض أعضاء جمعية أطلس بفرز الملابس وجمعها في أكياس لكل أسرة حسب السن وعدد الأفراد، ثم توجهنا نحو السوق، فقدمت الملابس مع الأغطية وأكياس المواد الغذائية لكل أسرة على حدة..
لقاء الأسر المنكوبة
كانت المفاجأة المحزنة التي تعصر القلوب وتدمع العيون أننا وجدنا هذه الأسر قد اتخذت كل واحدة منها محلا تجاريا فارغا لا تتعدى مساحته ما بين 10 و16 مترا، منها ما له باب حديدي ومنها ما غطي بأكياس بلاستيكية على شكل جدار، بل حتى ذات الأبواب اتخذ أهلها جدارا بلاستيكيا بالأكياس يستر داخل المحلات إذا ما رفعت الأبواب والصور توضح ذلك..، مع الإشارة إلى أن الأسر الثمانية عشر تستغل مرحاضا واحدا يوجد وسط السوق.
أما داخل هذه المساكن فتكاد تنعدم الحياة الكريمة؛ حيث الفقر والحاجة وانعدام الأثاث وقلة الأواني وشح الأفرشة والأغطية والأوساخ والروائح الكريهة التي تنتشر في المحيط، ويكاد الزائر لهذا السوق يجزم أن أهله يعيشون فقط بما به يحفظون به على حياتهم من الزوال..، فالفقر قد ضرب أطنابه وعشش في بيوتهم، وهم يتساءلون لماذا تم إقصاؤهم من حملة المساعدات التي تقدمها مؤسسة محمد الخامس للتضامن؟!
أنشطة أخرى
وحوالي الساعة الثالثة ونصف بعد الزوال عدنا إلى مقر جمعية أطلس وقدم لنا الغداء، ثم خرجنا بعد ذلك مباشرة لمشاهدة منازل صارت خرابا وأخرى آيلة للسقوط بفعل التصدعات والشقوق التي عجز أصحابها -بسبب الفقر- عن إصلاحها وترميمها أو إعادة بنائها..
عدنا إلى سياراتنا قرب مقر جمعية أطلس؛ فوجدنا مجموعة من النساء اللاتي سمعن بخبر الزيارة في انتظارنا؛ فقدمنا لهن ما بقي عندنا من مواد غذائية وبعض الملابس، ثم انسحبنا وعيون الساكنة ترقبنا كأنها تقول:
ها أنتم قد رأيتم حالنا وما نعانيه من فقر وحاجة، فإن كانت لكم قلوب فلا تنسونا، وإن أحسستم بنا فأبلغوا من يهمه الأمر ما نعانيه من ظروف معيشية قاسية..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.