استبداد (النـسائـيـات) إلى أيـن..؟ ذ.لحسن العسال

في إطار الجدل المحموم، الدائر في الساحة الوطنية حول رغبة النساء الجامحة في استوزارهن، أتساءل:
هل لو تشكلت حكومة نصفها نساء سيقفز المغرب نصف المسافة نحو التطور المنشود؟
وإذا كانت الحكومة نسائية بالكامل هل سندخل عالم التطور من أوسع أبوابه؟
وهل الرغبة الجامحة في الاستوزار مردها الحرص على مصالح الوطن أو الحرص على المصالح الشخصية الضيقة؟
بل هل الاهتمام المفرط والمبالغ فيه بهذه القضية هو في صالح المرأة أم هو في صالح نوع من النساء؟
لماذا لم نسمع بمثل هذه الاحتجاجات عن النساء اللواتي يعانين الأمرين في أصقاع الأطلس؟
لماذا لا يُتَطرق إلى معاناتهن إلا عندما يكون الهدف هو هدم القيم فيتم استغلال بؤسهن؟
لماذا لم تصعد “النسائيات” إلى أحد الجبال لإنشاء دور لرعاية القرويات كما يتم رعاية الزانيات؟
فمن أولى بالرعاية؟ آلمحصنة البئيسة في قمم الجبال الباردة؟ أم من لا تفكر إلا في الزنا؟
واصطُنعت الضجة مرة ثانية، من أجل أمينة الفيلالي المغتصبة التي قيل إنها انتحرت، وأقول: “اصطُنِعَت” ليس لأن قضية الضحية لا تستحق الاهتمام، بل للاستغلال الوحشي للنسائيات لها، ونصب أنفسهن “حاميات الأخلاق العامة”، و”نائبات عن الدولة”، وبالأمس القريب، حظرن على المجتمع المغربي أن ينتفض من أجل عرضه وكرامته، ضد الخمور والدعارة، فاتُّهِم بإثارة الفوضى والفتنة، وتقمص دور الدولة، ومرة أخرى نحن بين مجاج النحل وقيء الزنابير، أيهما العسل؟
بل إنهن لم يكتفين بالاحتجاج، وإنما طالبن بتغيير القانون، والمجتمع المغربي إذا عبر عن مطالبه، في إطار القانون، فهو في نظر “النسائيات” خارج القانون.
وبالأمس القريب أيضا، ملأن الدنيا عجعجة، هن وإخوانهن من بني علمان، بأن حكم الإعدام ضد “الحقوق الكونية”، والآن رفعن عقيرتهن، لتشديد العقوبة على المغتصب!!!
ولأن الهدف ليس هو الدفاع عن الطفلة، فقد أُحشر موضوع زواج القاصرات حشرا، حيث قالت جمعية “ماتقيش ولدي” إنها ترفض تماما تزويج القاصرات، وتطالب بتعديل المادة 20 من مدونة الأسرة المغربية، وما يرتبط منها بسنّ الزواج . كما دعت نجاة أنور رئيسة الجمعية إلى “تجاوز التقاليد البائدة والمتسمة بسيادة النفاق الاجتماعي، تحت ذرائع الشرف وكرامة الأسرة “.
وطالبت بـ”ضرورة التنزيل الحقيقي للمقتضيات الدستورية في شقّها المتعلق بسمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية.
“ليتجلى ناصعا، أن الهدف الحقيقي من افتعال هذه الضجة، والنبش الجديد في موضوع زواج القاصرات، هو قضاء مآرب سمو الاتفاقيات الدولية1، لأن معشر النسائيات ما هن إلا أدوات تنفيذ، لمشرعي الاتفاقيات الدولية، بدليل أن تحديد سن الزواج في ثمان عشرة سنة ليس من كيسهن، ولا كيس إخوانهن من أشباه الرجال، بل هو الآخر مستورد، من بريطانيا، كما جميع الأفكار والمصطلحات المستوردة من الغرب، والتي يتبجح وينتفش بها النسائيات، لأنهن وإخوانهن عالة على أسيادهم الغربيين، الذين حسب لسان حالهن “لا ينطقون إلا عن وحي حداثي، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه”!!
ولنعرج الآن على مصطلح “المناصفة”، الذي تطير به “النسائيات فرحا وزهوا، وكأنه فتح ما بعده فتح، ولننظر هل هو الآخر من إبداعهن، أم أن “الببغاوية” استحكمت عقولهن، نعوذ بالله من الهوى، واتباع السَّنَن!
لقد فرض نظام الحصة بالمناصفة، في فرنسا، عبر قانون رقم 493-2000 في 6 يونيو سنة 2000، وسمي بقانون المناصفة، ليتضح جليا أن استبداد “النسائيات” نابع من تشبعهن بما لم يعطين، واستقوائهن بالغرب، و”حقوقه الكونية” المزعومة.
هذا الغرب الذي يدفع في اتجاه هذا الاستبداد النسائي في بلداننا، لم يحققه هو في عقر داره، حسب التقرير الذي رفعته “لجنة الفرص المتساوية” في المملكة المتحدة، لسنة 2000، والتقرير الذي نُشر في ملحق الغارديان الأسبوعي (غارديان ويكلي 13-19/1/2006) تحت عنوان “تقرير الجنس والسلطة”. حيث اعتبر أن الأمر يستلزم مائتي سنة، لكي تصل النساء البريطانيات إلى حقوق ومواقع سلطة متساوية، مع ما يتمتع به الرجال.
بل، وبعد ثلاثين سنة مضت على إقرار القانون الذي يفرض وقف التمييز الجنسي في بريطانيا، فإن النساء في هذا البلد، لم يصلن بعد إلى أكثر من 11% في المراكز الإدارية العليا في الشركات البريطانية الكبرى، كما أنهن لا يشغلن سوى 20% من المقاعد البرلمانية، و16% من المراتب القيادية في إدارات السلطة المحلية، و13% من مناصب رئاسة التحرير في الصحف البريطانية… وهلم جرا من هذه الإحصائيات التي لا تسر “النسائيات”.
وإذا كانت المناصفة هي الحل السحري لمشاكلنا، فإن أعلى تمثيل نسائي في البرلمان حصلت عليه رواندا بنسبة 48% مع أن النسبة العالمية لا تتجاوز 15,6% فلماذا لم تتطور رواندا؟
أيها الشعب المغربي! عليك أن تكون ديوتا وسكيرا، وإلا فلن تنجو من استبداد النسائيات، وعجعجتهن، إذا عبرت عن خوفك من انحراف أبنائك بسبب كثرة متاجر بيع الخمور، أو انحراف بناتك بسبب افتتاح متجر للأدوات الجنسية في حيك الشعبي، كما وقع في حي جميلة بالدار البيضاء، المعروف بكثافته السكانية، وكثرة مؤسساته التربوية (إعداديات، وثانويات)، فإن النسائيات لك بالمرصاد، لأن الحفاظ على الشرف، تقاليد بالية، ونفاق اجتماعي، وتحريم الخمر مناقض للحداثة..
ولا أدري ما الذي دفع مغتصب أمينة الفيلالي، إلى اقتراف جرمه، أليس انحرافه؟ وهل يكون الانحراف دون مسكرات ومخدرات! لماذا تغض النسائيات الطرف عن الأسباب، ويغصن في النتائج؟ لماذا هذا المنطق المقلوب؟ إنه منطق الاستبداد.
وإذا كانت النسائيات يتمتعن بكل هذه “الغيرة على” أولادنا، فما مصير قضية الوزير الفرنسي الذي اغتصب الأطفال في مراكش؟ لماذا لم يحظ بنفس التغطية الإعلامية، ولماذا لم يُناد بإحداث قوانين، تضع حدا للسياحة الجنسية في بلدنا المسلم؟
إن الحداثة المتوحشة التي تدعو إليها النسائيات، هي السبب الرئيس في المآسي الأخلاقية التي يعيشها مجتمعنا، ومن خفي عليه الأمر، فلينظر كيف “يربي” إعلامنا أجيالنا الصاعدة، مهرجانات تلو المهرجانات، فلا هم للقائمين عليه، إلا هز الأرداف والبطون، ولهو الحديث، وليذهب التعليم، قاطرة التنمية، والأولوية الثانية بعد الوحدة الترابية إلى الجحيم، لأن الترفيه المحرم أولى بأن يشغل الإعلام العمومي، من الاهتمام بمصير شعب، وتكثيف الندوات والمحاضرات والدوائر المستديرة والمناظرات والتجارب والبحوث الميدانية والمهرجانات حول كيفية النهوض بمجتمعنا من خلال التعليم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- وإذا سمت الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، فما الحاجة إلى البرلمان بغرفتيه، ولتطالب النسائيات بأن يكون المغرب مقاطعة تابعة للأمم المتحدة، تحت وصاية الولايات المتحدة الأمريكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *