دور القرآن بين النصرة واستمرار الإغلاق

سعيا في تحقيق الخيرية التي جعلها الله لحملة كتابه ومعلميه -“خيركم من تعلم القرآن وعلمه”- أنشئت جمعيات كثيرة تعنى بتحفيظ كتاب الله وتدريس علومه، ففتحت دورا للقرآن في مختلف مدن المغرب وجهاته، فأبلت البلاء الحسن في تعليم وتربية النشء المسلم ذكورا وإناثا على اتباع الهدي النبوي في كل أمور الحياة، فخرجت الآلاف من حفظة كتاب الله ومن الدعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان لها الأثر الطيب في المجتمع المغربي العريق..، واستمرت في أداء رسالتها سنين عديدة..

وفي العشر الأواخر من شهر رمضان 1429هـ فوجئت بقرار توقيفها وإغلاقها في وجه روادها وطلبتها ظلما وبدون حجة..
وعلى إثر ذلك قام مجموعة من الغيورين على هذه الدور بإنشاء موقع إلكتروني سموه نصرة (www.nousra.net)، وأعلنوا فيه انطلاق حملة وطنية لنصرة دور القرآن بالمغرب عبر جمع مليون توقيع للتنديد بالإغلاق ومطالبة الجهات الرسمية المسؤولة بفتح هذه الدور المباركة، ولعل القارئ للكثير من ملاحظات الموقعين يعلم الدور الريادي الذي كانت تقوم به دور القرآن المغلقة، وقد بلغ عدد الموقعين لحد الآن أكثر من 62000 موقع كلهم ضد قرار الإغلاق.
ولنا أن نتساءل كيف يحرم هؤلاء الآلاف من المواطنين الذين انخرطوا في أنشطة تلك الجمعيات القرآنية مما كانوا يستفيدون منه؟
وهل الجهات التي أشار إليها وزير الداخلية في جلسة البرلمان التي كانت حول الموضوع قامت باحتواء المستفيدين من هذه الجمعيات؟
وهذا العدد الكبير من هذه التوقيعات وإحصائيات الجمعيات حول المستفيدين، ألا يكذب ما ذكر الوزير من أن عددهم لا يتعدى 2800 مستفيد ومستفيدة؟
إن من غرائب بلادنا (بلد الغرائب) أن يفسح المجال لكل نكرة كي يعبر عن فكره ويخدم إيديولوجيته، بل لقد صار المغرب بلد التسامح والتعايش في العالم الإسلامي لما يتيح لمعتنقي الديانات الأخرى من حريات وحقوق، ولكنه ضاق ضرعا بفئة كبيرة من المجتمع المغربي تنتمي لجميع شرائحه، اختارت التمسك بأصالة فهم الكتاب والسنة على طريق سلف الأمة.
ثم لماذا نجد الغرب الحداثي والعلماني يشجع ويكرم جمعياته الدينية بل ويتبنى كثيرا من مشاريعها ويقدم لها الدعم المباشر وغير المباشر، بل وتحظى هذه الجمعيات بمكانة اجتماعية راقية وقد تصل إلى السياسة لتؤثر في أصحاب مراكز القرار، وفي المغرب تغلق وتحارب؟
هل أصبح لوبي الضغط العلماني في المغرب أقوى منه في الغرب، أم أن هناك جهات أخرى تنضم إلى هذا التيار لتقطع أواصر الناس بجذور تدينهم الأصيل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *