بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أما بعد؛
فقد كنت أعلم منذ مدة طويلة أنه حصلت بين الشيخ الألباني رحمه الله والشيخ محمد الزمزمي بن الصديق رحمه الله مناظرة أو مدارسة في موضوع صفات الله تعالى حين زار الشيخ الألباني المغرب.
وكان الزمزمي رحمه الله معروفا عنه مذهب التفويض في معاني الصفات الإلهية، فلما وقع بيدي التسجيل الصوتي حاولت الاستماع إليه فكان رديئا، وما فهمت عنهما شيئا.. ولم أعزم على محاولة الاستماع مرة أخرى.
لكن بعد مدة سمعت أن السقاف المعروف أخرج ما كتبه الزمزمي رحمه الله حاكيا مناظرته مع الشيخ الألباني رحمه الله، وعلق عليها تعليقات طويلات على ما حكاه الزمزمي رحمه الله.
ثم وصلتني رسائل على الخاص في بعض المنتديات من إخوة يستفسرونني عن تفريغي للشريط.
فاعتذرت أنني لم أفعل، ثم بدا لي أن أفعل، فعزمت وتوكلت على الله، خصوصا بعدما قرأت ما نشره السقاف عن الزمزمي رحمه الله.
فلما استمعت إلى الشريط وجدت الزمزمي رحمه الله يتكلم بسرعة بلغة أهل الشمال؛ وأنا منهم؛ وكنت من بين المؤهلين لفهم ما يقوله، والصبر على فك رموزه، ومع سرعته هالني الفرق بين المناظرة الصوتية وبين ما حكاه الزمزمي رحمه الله.. ووجدت الأمر يحتاج إلى بيان الحقيقة.. خصوصا حينما وجدت السقاف استغل ما فعله الزمزمي رحمه الله أسوء استغلال، وأظهر فيه ما في قلبه كما يفعل دائما.
فقررت بإذن الله تعالى أن استخرج خلاصة ما دار في المناظرة، وأعرضها على الناس عسى ربي أن ينفع بها إن شاء الله تعالى.
وقد لخصت المناظرة وأخذت منها ما كان واضحا إما بالنص والحرف أو بالمعنى دون إخلال؛ فإن لنا موقفا بين يدي الله تعالى.
وتركت كلاما كثيرا إما لكونه مكررا أو غير واضح. لكن ما تركته لا يزيد ولا ينقص مما نقلت شيئا.. فأصول ما دار بينهما ثابت واضح.
والذي أنبه عليه أن كثيرا مما حكاه الشيخ الزمزمي في ما كتبه لم أجده في التسجيل الصوتي، وقد نبه على بعض ما ذكرته شيخنا بوخبزة حفظه الله في جواب له عن سؤال من أسئلة ملتقى أهل الحديث فقال: (عن مناظرة الألباني والزمزمي: سمعتُ بعضَ تسجيلها، وكان الشيخ الزمزمي بادر إلى طبع مُلخَّصها، ومن سمع تسجيلَها المفصل، علم أن تلخيصها لم يكن سَليماً، وموقف الشيخين في موضوع المناظرة: (الأسماء والصفات) معلوم، فإن الألباني سلفي خالص، والزمزمي اتخذ لنفسه مذهبا خاصا فلا هو سَلَفي ولا جهمي أشعري، على أن هذه المناظرة التي وقعت بطنجة كانت بين الألباني والزمزمي وفي بيت هذا الأخير).
وأدع لغيري أن يحلل المناظرة ويستخرج منها ما يبين حقيقة ما جرى. والله الموفق، وهو أعلا وأعلم.
(الجزء الأول)
– في الدقيقة السابعة من الشريط الأول
قال الألباني: من أين لك أن الرسول عرف المعنى الحقيقي -أي لآيات الصفات- وكتمه عن الناس…من الكتاب والسنة ؟
فلم يجد الشيخ الزمزمي رحمه الله إلا الدوران بما لا يسمى دليلا من الكتاب والسنة.
فإنه قال: لأن العقل والقرآن يقولان هذا!!!
وقصده بالقرآن: أن القرآن ينزه الله عن المخلوقين!!!
ثم ابتعد عن الجواب عن السؤال إلى أشياء أخرى؛ إلى الحديث أن الأخذ بظاهر معنى الصفات يلزم منه تشبيه الله بخلقه.
ولذلك نهاه الشيخ الألباني رحمه الله بعدها عن قطع وصل مسألة البحث والانتقال إلى مسألة أخرى..!! بعد الدقيقة التاسعة بقليل.
– ثم أعاد الشيخ الألباني طرح السؤال مبينا أنه يطلب الدليل على مسألتين اثنتين.
1- معرفة النبي صلى الله عليه وسلم لآيات الصفات.
2- والثانية كتمه ذلك عن الناس (تقريبا في الدقيقة العاشرة).
وبعدها ذكر الشيخ الزمزمي قول علي: حدثوا الناس بما يفهمون.. أتحبون أن يكذب الله ورسوله.
فكان رد الشيخ الألباني:
هذا تعليل للكتمان إن حصل لا دليل على الكتمان نفسه.
فقصد الشيخ أنه ينبغي إثبات الكتمان أولا ثم بيان علة ذلك..
– ثم ذكر الشيخ الزمزمي أن معرفة آيات الصفات من العلم الذي يحتاجون إليه؛ ولذلك لم نقل إن النبي صلى الله عليه وسلم كتمه. لأن الكتم يكون لعلم يحتاجه الناس وهو الذي في حديث: من كتم علما.. وقد ذكر الشيخ الزمزمي هذا في ما كتبه عن المناظرة.. رحمه الله.
فسأله الشيخ عن التسمية الصحيحة لهذا الكتمان!!
فقال: عدم البيان. (قبل الدقيقة 14قليلا).
ثم يعود الشيخ الزمزمي إلى آية: و(جاء ربك).
ويذكر أن هذه الآيات من سمعها تبادر إلى ذهنه التشبيه..
– وفي الدقيقة السادس عشرة والثانية الثلاثين أو بعدها بقليل يقول له:
هل عندك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم علم من هذه الآيات ما لم يعلمه البشر.
– وذكر الشيخ الزمزمي أن المعنى الظاهر للمجيء غير مراد لأنه يلزم منه التشبيه.
والمعنى المراد من الله تعالى يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال له الشيخ الألباني: من غير تكييف؟
فقال الزمزمي: المعنى الذي أراده الله…!
وبعد الدقيقة 17 كرر الألباني السؤال عن الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم المعنى المراد من آيات الصفات، والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم بينه أو كتم ذلك عن الناس.
– وفي نحو الدقيقة 22 ذكر الشيخ أنه فهم مقصد الزمزمي في كلامه وهو:
أن في القرآن ما لا يحتاج إلى بيان لأنه ظاهر معناه.
وفيه أشياء تحتاج إلى بيان، بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكَّر الزمزميَّ بأنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين آيات الصفات.
– ثم انقض عليه الشيخ قائلا: هذه حجة عليكم. ثم ذكر الشيخ الألباني أن هذا التقسيم يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين آيات الصفات لأن الله تعالى بينها في كتابه.
وأن بيان الله كاف…! جريا على تقسيم الشيخ الزمزمي…!
كل هذا والشيخ الزمزمي صامت شبه مصدوم؛ وكأنه لم يكن ينتظر هذا ولم يخطر بباله!!
وللمناظرة بقية نرجئها إلى العدد القادم بحول الله.