شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

تنبيه:
لا ينبغي للقارئ أن يخرج عن القدر المعتاد في المد ولا يبالغ فيه بالإفراط الفاحش فقد جعل الله لكل شيء قدرا .
فعن عبد الله بن صالح العجلي قال قرأ أخ لي أكبر مني على حمزة فجعل يمد فقال له حمزة لا تفعل، أما علمت أن ما 1كان فوق الجعودة فهو قطط؛ وما كان فوق البياض فهو برص؛ وما كان فوق القراءة فليس بقراءة؟ .
وإنما كره الأئمة تطويل المد جدا والإفراط فيه لأنهم أخذوا القراءة خلفا عن سلف متصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم والقراءة سنة متبعة لا تؤخذ إلا من أفواه الرجال.
قال أبو عمرو: ومقدار المد لا يعرف إلا بالمشافهة عند النطق بالتلاوة.
نص:
وصيغـــــة الجميع للجميــع تمــــــد قدر مدها الطبيعـــي
شرح:
قوله: (وصيغة الجميع) الكلام هنا عن حروف المد واللين إذا لم يجاورها سبب، نحو: قال يقول وقيل
قوله: (صيغة) صيغة الشيء بنيته ولفظه فالصيغة والبنية واللفظ بمعنى واحد.
قوله (الجميع) أي جميع حروف المد الثلاثة.
قوله: (للجميع) أي لجميع القراء السبعة.
قوله: (تـمد) أي لا تكون إلا ممدودة.
قوله: (قدر مدها) أي بقدر مد الصيغة الذي لا يمكن النطق بحرف المد إلا به.
قوله (الطبيعي) أي الذي هو طبيعة في حروف المد.
والمعنى الإجمالي في قول الناظم: أن بنية جميع حروف المد الثلاثة تمد لجميع القراء السبعة بمقدار واحد بلا تفاوت بينهم 2في ذلك .
لأن الحروف الثلاثة أصوات في الفم لا يمكن النطق بها إلا بالمد.
3ومن أسماء هذا المد: الطبيعي والقصر ومد الصيغة والمد الأصلي والمد الذاتي .
واعلم أن المد الطبيعي إنما يكون في حروف المد وحدها إذا عريت من السبب نحو: قال يقول قيل
نص:
وفي المزيدي الخلاف وقعــا وهو يكون وسطا ومشبعـــا
شرح:
قوله: (وفي المزيدي الخلاف وقعا) في الكلام تقديم وتأخير.
والتقدير: (وقع الخلاف في المد المزيدي) وهذا الخلاف هو بين القراء السبعة فإنهم مختلفون في مقدار المد الذي زاد على الطبيعي والقصر ومفهوم كلام الناظم أن القصر أدنى مراتب المد والإشباع أقصى مراتبه.
قوله: (وهو) يعني المزيدي والمزيدي هو المد الزائد على الطبيعي.
قوله: (يكون وسطا) أي يكون فيه مد وسط بين القصر والإشباع.
قوله: (ومشبعا) أي ويكون في المزيدي مد مشبع زائد وطويل.
وقوله: (يكون وسطا ومشبعا) أي يقرأ بالتوسط لمن أخذ به ويقرأ بالإشباع لم أخذ به وسيأتي بيان موضع التوسط وموضع الإشباع إن شاء الله تعالى.
واعلم أن الإشباع إذا أطلق فإنه جنس يشمل ما فويق القصر والتوسط وما زاد على ذلك.
وإذا ذكر مع التوسط فإنه يراد به ما زاد على التوسط فيشمل الخمس والست.
وكلام الناظم يفيد أن مراتب المد بين القراء ثلاثة؛ وكلها مقروء به في قراءة نافع رحمه الله.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
—————-
1- أخرجه عنه السلفي في معجم السفر ص 406 من طريق أبي بكربن مجاهد قال: قال: لي العباس الدوري ثنا عبد الله بن صالح العجلي
2- قال المجراد: وذهب قوم إلى أنهم اختلفوا فيه فهو بحسب من يهذ ويسرع في قراءته كقالون أقصر منه في قراءة من يمطط ويشبع كورش واختار هذا القول الأستاذ أبو الحسن بن سليمان في كتابه المسمى بتهذيب المنافع في قراءة نافع حيث قال: وهو يعني مد الصيغة بحسب قراءة القارئ من حيث الترتيل والهذ، فمد الصيغة لورش ليس كمد الصيغة لقالون لأن ورشا يرتل قراءته فيشبع الحركات ويمطط وقالون يهذ في قراءته ولا يشبع الحركات ولا يمطط الحروف مثله وذكره أيضا في تجريده واحتج له ونصره وزعم أنه الصواب وغلط من ذهب إلى القول الأول هـ إيضاح الأسرار والبدائع للمجراد الورقة 45/ب فما فوق.
قلت وفيه خلاف من جهة حروفه فقيل: إن مد الألف أطول من مد الواو والياء والخلاف فيما بين الواو والياء فقيل مد الواو أطول وقيل مد الياء أطول وقيل المد فيهما على السواء قاله ميمون الفخار نقلا عن تحصيل المنافع ص 42 مخطوط.
3- سمي بذلك لأنه طبيعة في هذه الحروف إذا لم يجاورها سبب وقيل سمي طبيعيا لأنه طبيعة للقراء السبعة أي عادة لهم وطبيعة الإنسان ما ينطبع عليه ويلازمه مما لابد له منه.
وسمي بالقصر لأنه مقصور عن الزيادة إذ القصر معناه الحبس لأن القارئ يحبس نفسه عن الزيادة.
وسمي بمد الصيغة: لأنه من صيغة الكلمة.
وسمي بالمد الأصلي: في مقابل المزيد فهو أصل للإشباع والتوسط فالقصرهو أصل المدود.
وسمي بالمد الذاتي: لأن ذات الحروف لا تقوم إلا به.