أثارت التصريحات الخطيرة والمستفزة التي أطلقتها خديجة الرياضي وعدد من الفاعلين الحقوقيين الرأي العام الوطني. واستغرب الشارع المغربي من هذه المطالب والجرأة التي يتصف بها أتباع هذا التيار؛ وتساءلوا بإلحاح عن سبب غياب صوت المؤسسات والجهات التي تعنى بحماية الأمن الروحي والأخلاقي للمغاربة.
فقد طالبت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ونائبها عبد الحميد أمين، والباحث الجنساني عبد الصمد الديالمي، والناشط الحقوقي العلماني أحمد عصيد وغيرهم بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة جريمة الفساد وإقامة علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية.
وشددوا على ضرورة ضمان ممارسة الحرية الجنسية بين رجل وامرأة بلغا سن الرشد القانوني، شرط أن يكون من خلال التراضي بينهما ودون إكراه أو إجبار على ذلك. كما حثت خديجة الرياضي الفعاليات المُكونة للحركة الحقوقية في البلاد على “النضال” من أجل ضمان الحرية الجنسية، وحرية التصرف في الجسد، وحرية العقيدة، وحرية الإجهاض..
وهي مطالب بالغة الخطورة؛ تمس بالأساس الضروريات الخمس التي كفلتها الشريعة (الدين؛ النفس؛ النسل). وأكثر من هذا فتحريم هذه الأفعال من المعلوم من الدين بالضرورة ليس عند المغاربة فحسب بل عند عموم المسلمين أيضا.
فباستثناء رد الفعل الشخصي للدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة وجدة؛ وعضو المجلس العلمي الأعلى؛ الذي اعتبر الدعوة إلى الحرية الجنسية خارج إطار الزواج “رِدَّةٌ إلى الوراء”، على اعتبار أن مشاعة الجنس مرت بها البشرية في تاريخها، لكنها وجدت فيها العديد من المشكلات والمعضلات، فاهتدت في الأخير إلى القبول بنظام الأسرة.
فباستثناء هذا الموقف الشخصي لم نسمع صوتا للمؤسسة الدينية الرسمية بخصوص هذه المطالب؛ علما أن من واجب هذه المؤسسة تسكين ضمير المؤمنين والمؤمنات وحماية الأمن الروحي والأخلاقي للمغاربة؛ كما صرح غير ما مرة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق.
كلنا يتذكر أن المجلس العلمي الأعلى تحرك بسرعة البرق وأصدر بيانا بحق الدكتور محمد المغراوي حين فسر آية من كتاب الله تعالى؛ فبعد أن قامت الجمعيات الحقوقية المذكورة بالتشنيع على د.المغراوي المتخصص في العلوم الشرعية، استجاب المجلس إلى مطالب الجمعيات والأحزاب الحقوقية ذات المرجعية العلمانية؛ وأصدر بيانا شديد اللهجة، وصف فيه الدكتور المغراوي بأوصاف من المفروض أن يتنزه عنها بيان مجلس بهذا الحجم وبهذه الرمزية.
إلا أننا وفي المقابل نجد أن هذه المؤسسة الرسمية التي من أوجب واجباتها وأكبر مهامها حماية الأمن الروحي والأخلاقي للأمة؛ لا تتحرك ولا تنبس ببنت شفة حين يجاهر العلمانيون عن طريق جمعياتهم ومنابرهم الإعلامية؛ التي تؤطر آلاف المغاربة؛ بمخالفة المعلوم من الدين بالضرورة والدعوة الصريحة إلى الردّة والإفطار العلني في رمضان والاستهزاء بالدين وأحكامه وشعائره.
ومن هذا المنبر فنحن نسأل السادة العلماء عن حكم الدين في من يقول أن:
– “المطلوب حاليا هو أن تصير قوانيننا مطابقة لمجتمعنا وليس للنفاق، أو ما يقال عنه إسلامية الدولة في الدستور، وأن ممارسة الجنس قبل الزواج كانت في جميع المجتمعات، بل حتى في مجتمع الخلفاء الراشدين..” أحمد عصيد.
– وأن “من حق أي مغربي أراد أن يرتد عن الإسلام ويختار دينا جديدا من تمتيعه بهذا الحق، لأننا لا نمارس الوصاية على أحد، والإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه”!! أحمد عصيد.
– وأن “الدين ظلمَ المرأة حينما لم يسوّ صراحة بينها وبين الرجل”. و”إذا لم تكن النصوص القرآنية صريحة وواضحة في المساواة بين الرجل والمرأة فلنلق بها في مزبلة الأيدلوجية” عبد الصمد الديالمي.
– و”المطالبة بإلغاء القوانين التي تعتبر أن الخمر لا يباع إلا للأجانب.. وتبني الموقف القانوني من الخمر في الدول الغربية غير المسلمة”.. خديجة الرويسي.
نتمنى أن يستجيب المجلس الموقر لدعوتنا كما استجاب الدكتور أحمد الريسوني لمطلب الحقوقي أحمد بن الصديق؛ فيجيبنا عن الحكم الشرعي وقول السادة العلماء في هذه المطالب؛ خاصة وأن المجلس العلمي الأعلى يعتبر اليوم بنص الدستور الجديد (الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة).