لماذا اخترنا الملف؟

تعد جريمة الاغتصاب أشد أنواع الجرائم وحشية؛ وأخطرها انعكاسا على سلوك الفرد والأسرة والمجتمع؛ وهي ليست قاصرة على المرأة وإن كانت معنية بها في الأساس؛ إذ هناك جرائم اغتصاب تطال الأطفال الرضع والقاصرين والبالغين أيضا. 

وهي جريمة عابرة للقارات؛ متسعة الحدود الجغرافية؛ آخذت في الانتشار يوما بعد آخر، وكلما كان هناك تسيب أخلاقي وانهيار قِيمي حلت ثمة جرائم الاغتصاب وتضاعف عددها؛ وشكلت ظاهرة تهدد سلامة الأفراد وتستنزف ميزانيات الدول.
وقد ألقى الباحث الغربي “ألفريد إلكنسي” في بحثه حول السلوك الجنسي بالتبعة على العرف السياسي، والقانون الوضعي، والأوضاع الاجتماعية التي تحول دون وجود مزيد من الإدراك العام للسلوك الجنسي للإنسان، فالذكر والأنثى حسب قوله يصلان مرحلة البلوغ -من الوجهة البيولوجية- في سن تسبق بسنوات تلك التي يعترف فيها القانون الوضعي والعرف السياسي ببلوغهما، وبالتالي يفرض عليهما قيوداً، ويضع أمامهما عراقيل تحول دون استجابتهما لدوافعهما الجنسية، فيضطران -وبخاصة الذكر- إلى اللجوء إلى أساليب غير مشروعة لتحقيق الإشباع الجنسي، مثل الاغتصاب. اهـ
ثم إن جريمة الاغتصاب يلحَق من تعرض لها ضررٌ جسدي ونفسي تصعب معالجته؛ ويهدد مستقبل الأنثى من جهة الإقلال من فرص زواجها إن كانت بكرا؛ أو حرمانها من حياة زوجية مستقرة وسعيدة إذا كانت متزوجة؛ ويتضاعف الأذى إذا نجم عن ذلك الاغتصاب حمل الضحية التي قد تقدم -جهلا منها- على الانتحار تخلصا من الفضيحة والعار في ظل مفاهيم اجتماعية خاطئة تحمّل الضحية مسئولية وتبعات هذا الفعل.
إن الغريزة الجنسية كما هي موجودة عند الإناث فهي كذلك موجودة عند الذكور، وهي سرّ أودعه الله تعالى في الرجل والمرأة لحِكَم كثيرة؛ ولا يمكن لأحد أن ينكر وجود هذه الغريزة. وقد وضع الشرع الحكيم نظاما بديعا -يجهله أو يتجاهله عباد الهوى من العلمانيين وغيرهم- حيث أمر المرأة بالستر والرجل بغض البصر؛ ونهى عن الاختلاط والخلوة والمصافحة؛ وضيق دائرة الوقوع في المحظور.
وبعد أن فرَّطنا في كثير من تلك الحدود الشرعية؛ وتسللت إلينا العديد من المبادئ والأفكار العلمانية وحلت محل منظومتنا القيمية والأخلاقية؛ خرجت المرأة شبه عارية إلى الشارع العام دون وازع ديني أو أخلاقي؛ وتجرد الرجل من أخلاق الشهامة والمروءة والنخوة والغيرة؛ وتفشت فينا العديد من الظواهر المرضية؛ تماما كما في المجتمعات الغربية؛ كاغتصاب الأطفال والنساء والتحرش وغير ذلك.
يقول الدكتور أحمد علي المجدوب في كتابه اغتصاب الإناث في المجتمعات القديمة والحديثة: “لا جدال في أن الاغتصاب يزيد كلما زاد التحضر بما يشتمل عليه من أساليب للحياة؛ وأشكال للعلاقات؛ وصور للسلوك، تختلف إلى حد بعيد عن نظيراتها في الريف والبادية؛ وهو ما يمكن أن نلاحظه عند إعمال النظر في الإحصاءات الخاصة بجرائم الاغتصاب على وجه الخصوص؛ وبالجرائم الجنسية على وجه العموم في الدول التي يوجد بينها تباين في المستوى الحضاري.
فبمقارنة الدول العربية بعضها ببعض نلاحظ أن معدل جرائم الاغتصاب والجرائم الجنسية يختلف في بعض الدول عنه في البعض الآخر، وذلك بحسب مستوى “التحضر” الذي بلغته.
ولا نعني بالتحضر هنا مجرد اقتناء واستخدام الآلات والأجهزة المستحدثة.. أو الإقامة في مساكن على الطراز الحديث.. أو غير ذلك، وإنما نقصد في المقام الأول صور السلوك وأشكال العلاقات وأساليب الحياة بكل ما ترتبط به من عادات وقيم وأفكار ومبادئ، أو ما يسمى بالثقافة الغربية”.
فالثقافة الغربية التي تفرض علينا بقوة الحديد والنار؛ ثم السعي إلى إحلال العلمانية محل الشريعة الإسلامية؛ تعد الروافد الرئيسية المسؤولة عن الانفجار الجنسي؛ وارتفاع حالات اغتصاب الأطفال الأبرياء والنساء.
إنه لا المستوى التعليمي ولا الحياة المتحضرة يمكنهما منع تعرض المرأة للتحرش الجنسي أو الاغتصاب، ولا يمكن التعويل على ضبط النفس أمام الإغراءات من أجل القضاء على ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعات مختلطة. فإن لم تسع المرأة بنفسها إلى القضاء على أسباب الاعتداء عليها، وهي بالأساس إظهار مفاتنها وإثارة الغرائز الذكورية، بواسطة الحجاب واللباس الشرعي الذي يستر تلك المفاتن، فإنها ستبقى دائما عرضة للتحرش الجنسي والاغتصاب؛ وبالتالي عرضة لنتائجهما المدمرة.
ولتوضيح الصورة أكثر حول هذا الملف الساخن؛ وبيان الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ارتفاع حالات اغتصاب الأطفال والنساء؛ ارتأت جريدة السبيل فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *