فخاخ العلمانية ونزوة العلمانيين ذ. إبراهيم أبوالكرم

اعتاد العلمانيون أن يثيروا القضايا الشائكة بزعمهم، والتي تتناقض دائما مع الدين، ويلبسونها لبوس الحريات، وشعارات الحقوق، ويفتعلون لها أنصارا في المنابر الإعلامية، لكون هذا الأخير لا يزال تحت سيطرة ثلة من أعداء الفضيلة، وقد علمناهم يتجاهلون ثوابت البلد، ويحاولون بكل جهدهم محو هويته، وتناسي أصله، وفي مقابل هذا؛ نراهم يبجحون بالحقوق والفصول والقوانين حينما يتحدث شخص ما باسم الإسلام، أو ينافح عن قضية من القضايا الإسلامية.
وفي هذه الآونة الأخيرة لاحظنا إثارتهم لكثير من المسائل التي تتناقض مع الدين، كدعوة بعضهم إلى حماية حقوق المثليين، ونداء آخرين (ما صايمينش) ودعوة شرذمة إلى إباحة الزنا، أو بالأحرى الدعوة إلى الدياثة، وهي القضية الجديدة في الساحة، والمتتبع للأحداث في عمقها يسجل ما يلي:
أولا: إن هؤلاء الشاذين يحاولون جس نبض المغاربة، فتلك القضايا (الشائكة)، تعتبر مقياسا يعكس مدى غيرة المغاربة على دينهم، وتمسكهم بعقيدتهم، ويتبدى الأمر حينما نعرف أن الأيادي التي تحرك علناً هذه الظواهر بين شبابنا ليست بريئة، بل هي أقماع لأصوات خارجية تحركها من خارج الوطن العزيز.
ثانيا: يحاول المثيرون لهذه القلاقل إحراج الحكومة التي لها مرجعية إسلامية، وهي شنشنة أعرفها من أخزم. في محاولة لحفر فخ للحكومة لتعارض ما يُبث، وتتصرف بسلطتها المخولة لها، ومن ثَم سيثار حولها النقع من داخل المغرب وخارجه، وستلمز بأنها تهضم حقوق الأفراد، وتنبذ الحريات العامة وغير ذلك مما ينتظره بليدو العلمانيين من الحكومة الملتحية وهي ضربة قاضية تؤدي إلى إسقاطها حاليا، وإلى فشلها في ترشحها في السنوات القادمة.
ثالثا: أغلب هذه القضايا تتعلق بالرغبات الجسدية، مما يجعل العلمانيين الذين ينادون بهذه الدعوات ينحطون إلى أحط الرتب، وطالما نعتوا المغراوي بما نعتوه به لما تحدث عن بنت التسع سنين، ويتحدثون بكل صلف عن الدعاة حينما يتناولون قضايا التعدد والنساء، لكنهم فضحوا أنفسهم بأنفسهم، وحكموا على أنفسهم بالشهوانية الجنسية، عباد لحوم النساء، ففي الوقت الذي تسمو فيه الأمم لتدافع عن حرية الفكر والروح، والدفاع عن الحقوق الكبرى التي لا تزال شعوبنا تعاني من ضياعها: كحق الحياة، والسكن، والصحة، والشغل.. فكر العلمانيون دهرا طويلا ليخرجوا بحق الجنس، وهو حق سبقنا إليه جنس الحيوان، تمخض الجمل فولد فأرا.
رابعا: جعجعة المجالس العلمية، نسمعها كلما تحدث داعية باسم الإسلام، وحق لهم ذلك فهم حماة الملة والدين، وذلك حقهم، لكننا نراهم في سبات عميق، ولا يوقظهم حتى صراخ المتظاهرين الغيورين على دينهم ووطنهم. ولم نرهم تحركوا لنشر الوعي الديني، الذي يهدد عدمُ وجود آلياته ثوابت المغاربة وأصلهم، ونعلم أن من واجبهم تكوين الدعاة والمفتين، وتكثيف المجالس الدعوية القائمة على الفهم الصحيح للكتاب والسنة، ومحاربة الأفكار الهدامة التي ما تنفك تبث سمومها بين أفراد المجتمع المغربي، وتنوير الرأي العام بأحكام الشريعة في شتى المسائل من غير عزل بعض دون بعض، والدفاع عن الشريعة بكل قوة، والوقوف خصما ضد كل من سولت له نفسه نقض الشريعة، واستصغار المقدسات، إلى أن يضرب القضاء على يده بقبضة من حديد، وتحذير الناس من المرض الخبيث مرض التبرج الذي هو سبب جل مشاكل المجتمع من تفكك أسري، واغتصاب، وتحرش، وأمراض جنسية، وأولاد الشارع وغير تلكم المشاكل التي يسكت أصحاب المجالس العلمية عن إيجاد حلول شرعية لها، فينتدب إليها أصحاب الحلول الترقيعية.
ولا ننسى هنا ما وقع لرئيس المجلس العلمي بالبيضاء سابقا، من إقصائه والهجوم عليه جراء تحدثه عن التبرج والعري. ومن واجب حماة الدين الرسميين أخذ قسط كبير من الإعلام، للدفاع عن هذه المبادئ، وتعليم الناس دينهم، بعدما اكتسحت البرامج الدخيلة قنواتنا، كالأفلام التركية والمكسيكية والبرامج الهدامة والأفكار الخبيثة.
خامسا: يقول المغاربة “مول الفز تايقفز”، لما اعتلى الإسلاميون مجلس الحكومة، خاف الشهوانيون من أن تتحجب النساء، وتتدين الفتيات، فترجع أعين العلمانيين بالحسرة والندم، وتفوتهم شهواتهم التي ألفوها.
سادسا: حينما ينشز أحد أقلام الحداثيين، بإحدى المقالات التي تقصف الشريعة الإسلامية، وتكون النتيجة عدم النجاح، فإنه يصبح حديث الألسن، ترشقه بكل سب وكل شتم، من القاصي والداني، من الصغير والكبير، من الأمي والمتعلم، وتمسح في الأقلام اسودادها، فيحس بالإقصاء والنبذ، فضلا عن الألم النفسي وتوبيخ الضمير الذي يلزمه بعد ردود الأفعال، وهؤلاء من أسميهم بفئران التجارب، أو ضحايا التعلمن، لأنه تسلم إليه المقالة العلمانية من طرف خفي، فيظهرها باسمه وينسبها لنفسه، فإن نجحت التجربة فقد نال من الشهرة والمال ما سينال، وإن كان الإخفاق فإنه يكون كما وصفت، ثم يحاول إلى الاعتذار والتبرير ويكون التعليق:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا فما اعتذارك من شيء إذا قيلا
سادسا: الشهرة كيفما جاءت، على حد قول أحد المختلين: بُل في زمزم تشتهر. فحينما يحس أحد المتعلمنين أنه مغمور غير مبالى به، يملي عليه شيطانه أن يلمز أحد المشهورين، أو يغامر بالكلام في إمارة المؤمنين، أو الطعن في الإسلام وهو الطامة الكبرى.
سابعا: لا يخفى ما يمر به بلدنا من أزمات خطيرة على مستوى سياسته، وهي مرحلة عصيبة يشهد بها المحنكون من السياسيين، أناخت ركابها بباب حكومة إسلامية طالما انتظرها المغاربة لإعادة البلد إلى عافيته، وتسلّمت هذه الحكومة ناصية حكمه، وهو مثخن بجراح طعنات تختلف جدّة وقدما. وهاهو ذا يعالج ما أمكنه أن يعالجه، وسط تراكمات يومية من العراقيل التي لا يمكن إصلاحها، إذ العوائق لا تصلح، لأنها يجب أن تزال، عوائق تتمثل في أياد خفية ولوبيات قوية لا تزال تحرك مقبض الحكم نحو اتجاهاتها رغم إباء الحكومة، ويظهر من خلال كثير من النقط التي سطرت في برنامج الحزب قبل توليه الحكومة، سرعان ما صادم حجرا قويا دون تطبيقها، كما يبدو ذلك جليا في كثير من القرارات التي تراجعت عنها الحكومة تحت ضغوط أقوى من إرادتها، مثل ما وقع في دفاتر التحملات، وتنظيم مهرجان موازين، وغير ذلك مما هو واضح للمتتبع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *