علماء المالكية وملوك العلويين متطرفون وتكفيريون.. فما رأيكم؟ إبراهيم الطالب

بداية نعتذر لعلمائنا المالكية العاملين الأحياء، ونترحم عن الأموات منهم الذين حفظوا الدين من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وكل ذلك في العلمانيين.
نعتذر لعلمائنا لأننا قرنا ذكرهم بذكر التافهين العابثين بهوية هذا البلد الأمين، وإن كان ذكرنا لأئمتنا إنما هو من باب ذكر القاضي والجاني عند الحديث عن القضاء ليس إلا.
وليعذرني القارئ على طول المقال والشدة في العبارة فقد استوجبهما مقام الدفاع عن الأبرياء من الصالحين ضد الأفاكين الذين لم تشف صدورَهم من غلها وحقدها وغيظها سنواتُ السجون ولا مصادرات الحقوق، ولا إقفال الجمعيات ولا القمع ولا صنوف الإهانات ولا ما يقدمه الصالحون من تضحيات.
فالباعث على العنوان وما تحته هو إلقام الحجر أفواه بعض من يُسَوِّدون صحائفهم قبل صحفهم بالزور والبهتان من الصحافيين الكذابين. حيث لم يكتفوا بمئات المقالات التي ساندوا فيها الظلم والجور بالكذب والبهتان وطبلوا فيها للأحكام الجائرة طيلة ثمان سنوات، نسوا خلالها كل الأعراف وتنكروا طيلتها لكل المبادئ والأوفاق.
لم يكتفوا بذلك كله، فنراهم اليوم يتمادون في غيِّهم وتكبرهم وطغيانهم، رغم ما عرفه المغرب بعد سقوط بعض حكام العرب من اتساع لهامش الحرية وإن كان لم يَرْق بعد ليشمل كل المغاربة وكل المستويات دون استثناء.
ونؤكد للإنصاف أن الصحافيين العلمانيين ليسوا على نمط واحد، لذا فالكلام مقتصر على الذين يبيحون لأنفسهم أن يحاربوا من اختلفوا معه في الرأي، بكل الوسائل ولو كانت من قبيل الكذب والزور والوشاية والوقيعة في الأعراض، وذلك بغية ترهيب الناس وتخويفهم من أهل الصلاح حتى لا يتحقق التعاون بينهم لمحاربة الفساد بكل أنواعه.
ونورد من نماذج كذب الصحافة العلمانية واستهدافها الأبرياء بالإقصاء والتشهير والوشاية لدى السلطات ما يلي:
نشرت جريدة الصباح العلمانية بتاريخ السبت الأحد 10-11 مارس 2012م (ع:3704) مقالا تحت عنوان: “سلفيون اعتدوا على فتاة ونزعوا ثيابها”، ومما جاء في تصديره: “..أن فتاة متبرجة تعرضت.. لهجوم واعتداء غير مسبوقين من طرف مجموعة من الأفراد بـ «سويقة» بالرباط، يشتبه في انتمائهم إلى التيار السلفي”. ثم ثبت بعد التحقيق أن المعنية بالأمر قامت باستفزاز شباب وأطفال السويقة بجسمها العاري جدا، مما جعلهم يضايقونها، فردت عليهم بسبهم الأمر الذي دفعهم إلى ضربها وتمزيق قطع صغيرة هي كل ثيابها لم تكن تفي بستر عورتها الغليظة أصلا، وإن كنا لا نرضى عن هذا الأسلوب في علاج مثل هذه القضايا.
وقد أجاد الأستاذ مصطفى الحسناوي عندما أخذ المبادرة وأجرى تحقيقا مصورا (نشر على اليوتيوب في وقته) استجوب فيه مجموعة من الشهود من أصحاب المحلات الذين حضروا الواقعة فأكدوا أن الأمر لا يتعلق لا بسلفيين ولا بملتحين.
والعجيب أن بيت الحكمة أصدر بيانا استند فيه على هذه الواقعة ليندد بشرطة الأخلاق التي ينظمها السلفيون والتي لا وجود لها إلا في مخيلات العلمانيين وهو أثر من آثار مرض الرهاب من الإسلاميين.
الأمر نفسه بالنسبة لجريدة “أخبار اليوم المغربية” في خبرها المعنون بـ: “سلفي يقتل يهوديا بحي الملاح بفاس”، وهو كذلك ادعاء مكذوب، لأن القاتل ثبت أنه شاب مختل عقليا وحليق ومهووس بزيارة الأضرحة؛ كما جاء في تصريح والده، وهو ما ينافي كونه سلفيا أو إسلاميا أو حتى عاقلا.. (انظر مقطع “هل قتل سلفي يهوديا فعلا كما ادعت أخبار اليوم؟” على اليوتيوب).
واليوم لم ينفع الكذب والزور فلجأت جريدة الأحداث (عدد 4766/12-09-2012) إلى نشر موضوع تحت عنوان: عامل سيدي سليمان يلتقي سلفيين متطرفين ويعطي الشرعية لـ”شرطة الأخلاق”.
والموضوع كله تهويل وسباب في شريحة من المغاربة المسلمين، غاظ القائمين على الأحداث ودمّر مخزون صبرهم استقبالُ عامل سيدي سليمان لهم لكونهم ملتحين، فجعلوا من استقباله هذا تشجيعا لهم على تطرفهم، وكأن اللحية والجلباب تسقط عن المغربي حقوق المواطنة أو تدخله في عداد المجرمين عند كتاب الأحداث، ولو استقبل العامل نفسه جمعية “كيفكيف” للشواذ/اللواطيين لخرجت كل الجرائد العلمانية تشيد بحداثة العامل وعقلانيته وانفتاحه وتطالب كل العمال بالاقتداء به.
لكن المقصود من كل هذه الكتابات التي لا تمت إلى أخلاقيات المهنة، بله أن تكون من أخلاقيات المسلم، هو إقصاء كل من يُرى عليه أثر التدين ورميه بالتطرف والغلو، ولو بالكذب والزور والبهتان للحيلولة دون استفادته أو مشاركته في الإصلاح، لكي لا يكون له مكان تأطيري مؤثر في المجتمع، لأن ذلك يزاحم العلمانيين في بسط نفوذهم والسيطرة على كل مناحي الحياة في المغرب، وكأن المغرب المسلم هو حكر على الجمعيات والمنظمات العلمانية فقط.
ومعلوم أن العلمانيين لا يصدرون عن مرجعيتهم المغربية أو أصلهم الإسلامي عندما يحكمون بالتطرف على المغاربة الملتحين والمغربيات المحجبات والمنتقبات، والشباب المواظب على لبس الجلباب، ومن لا يقبل الذهاب إلى السباحة في الشواطئ التي تختلط فيها الأجساد العارية الذكورية والأنثوية، وتتشابك فيها أذرع الجنسين في الرقص والمجون، وكذا من يمتنع عن المشاركة بالمهرجانات الموسيقية، ويستنكف أن يشرب الخمور ويمارس الزنا، ويراها كلها وما كان على شاكلتها من الحرام، لما فيها من مخالفات لمرجعيته الإسلامية.
بل يحكمون على كل هؤلاء بالتطرف والرجعية استنادا على مرجعيتهم العلمانية المادية المستوردة من الغرب، والتي فصلت بين الدين والسياسة، بل بين الدين والحياة، بحيث يرون أن كل مظهر من مظاهر التدين الواعي خصوصا إذا كان ينتشر بشكل جماعي هو خطر على مكتسباتهم التي ما أحرزوها إلا في ظل ما يشبه حالة الطوارئ.
فإذا كانت تلك الصالحات وأولئك الصالحين لمجرد استجابتهم لمرجعيتهم الدينية من المتطرفين، فماذا يقول العلمانيون عن ملوك الدولة العلوية وعن علمائنا المالكية الذين كانوا يكفرون كل من استحل الزنا والخمر وباقي الموبقات ويحكمون بقتله، بل يحكمون بقتل كل من أصر على ترك الصلاة أو أداء الزكاة.
وحتى لا يكون فينا شبه من كذابي العلمانيين نورد ما يشهد لما ادعيناه عن علمائنا من بطون كتب التاريخ المغربي وكتب الفقه المالكي:
ذكر ابن زيدان في إتحافه أن السلطان العلوي عبد الرحمن بن هشام أرسل ظهيرا إلى عماله، قرئ في المساجد و الأسواق، ومما جاء فيه: وتاركها (أي: الصلاة) يقتل حدا. وذكر في الظهير قول خليل في مختصره: “ومن ترك فرضا أخّر لبقاء ركعة بسجدتيها من الضروري وقُتل بالسيف حدا”.
وهذا العلامة ابن العربي المالكي يقول: “ولا خلاف بين المسلمين أن من ترك الصلاة وسائر الفرائض مستحلا كفر؛ ومن ترك السنن متهاونا فسق…واختلفوا فيمن ترك الصلاة من غير جحد لها ولا استحلال، فروى يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت ابن وهب يقول: قال مالك: من آمن بالله وصدق المرسلين وأبى أن يصلي قتل”. تفسير القرطبي المالكي.
وهذا ابن بطال المالكي يقول في شرح صحيح البخاري: “وأجمع العلماء أن من نصب الحرب في منع فريضة أو منع حقا يجب عليه لآدمي أنه يجب قتاله، فإن أبى القتل على نفسه فدمه هدر. قال ابن القصار: وأما الصلاة فإن مذهب الجماعة أن من تركها عامدا جاحدا لها فحكمه حكم المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك جحد سائر الفرائض؛ وإنما اختلفوا فيمن تركها لغير عذر غير جاحد لها”.
وقال القاضي عياض المالكي في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم: “ولا خلاف في جاحد فرض من هذه الفرائض أنه كافر يقصد: الزكاة والصيام والحج والوضوء والغسل”.
وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: “أما من جحد فرض الوضوء والصلاة والزكاة أو الصيام أو الحج أو استحل شرب الخمر أو الزنا أو غصب الأموال أو جحد سورة أو آية من القرآن أو ما أشبه ذلك، فلا اختلاف في أنه كافر، وإن قال إنه مؤمن، فيعلم أنه كاذب، للإجماع المنعقد على أن ذلك لا يكون إلا من كافر…”.
وجاء في نص بيعة علماء مراكش للسلطان عبد الحفيظ وخلع أخيه عبد العزيز فيما أورده مؤرخ المملكة السابق المنوني: “كيف ومِن ذلك ما علم بالضرورة أن الصلاة والزكاة شقيقتان قرينتان، وهما للدين بمنزلة الرأس للجسد، وهما قواعد الدين وأساسه المعتمد، ومن فرق بينهما كفر بالكتاب والسنة وخرق الإجماع، بدون خلاف ولا نزاع، وحيث توافق المتولون على نبذ الزكاة لفظا ومعنى وحكما، وبدلوا ذلك بقانون الكفرة من ضوابطهم وتسميتهم المشتهرة، أليس هذا من سلوكهم الكفر الصراح؟”. مظاهر يقظة المغرب/المنوني
فإذا كان هذا هو حال ملوك دولتنا وعلمائنا المالكية الأفاضل الذين نفخر ويفخر كل المغاربة بالانتساب إليهم؛ وإذا كانت هذه هي معتقداتهم ومواقفهم المستمدة من أصول الإسلام السمح تعلموها أبا عن جد؛ وما دام هؤلاء هم سلف كل من ينعته العلمانيون بالتطرف والغلو والوهابية والرجعية والظلامية؛ وما دامت مواقف وتصريحات العلمانيين تناقض تصريحات علماء المذهب المالكي ومواقفهم وتعادي خلفهم، وما داموا يرون أن ممارسة الزنا وشرب الخمر حرية شخصية، والردة عن الإسلام حرية اعتقاد، فيا ترى من سلف العلمانيين في هذا كله؟
أليس سلف هؤلاء هم الجنرال اليوطي واضع سياسة علمنة المغرب، ومن تركه الجنرال في بلادنا من بقايا جنوده وأتباعه ومن ضل بضلالهم واعتنق عقيدتهم العلمانية؟
إذن نحن لسنا أمام متطرفين وهابيين وحداثيين ديمقراطيين، إننا أمام حرب بين مرجعيتين متناقضتين: مرجعية مغربية إسلامية تحاربها وتريد إبادتها مرجعية علمانية غريبة دخلت المغرب على دبابات المحتل الفرنسي العلماني.
فإن لم يكن هذا هو الواقع فما علينا إلا أن نسلم بأن علماء المالكية وملوك العلويين متطرفون وتكفيريون.. فما رأيكم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *