شيخ الأزهر يؤكد صحة قول الدكتور المغراوي بجواز تزويج الصغيرة وفعاليات جمعوية تندد بإغلاق دور القرآن والدولة تصر على إعدامها

 لا تزال تداعيات تفسير الدكتور المغراوي الذي استغل ذريعة إلى إغلاق العديد من دور القرآن تشغل الرأي العام الصعيد الوطني والعربي.

فقضية ما سمي تعسفا بفتوى زواج الصغيرة لم تمر كسحابة صيف أو إقامة ضيف، فبعد عرض القضية في مجلس النواب، واستماع الناس إلى العرض الأمني ومتابعتهم للتعامل المتعسف مع تلك الدور المباركة، استبان للرأي العام المغربي أن قرار وزارة الداخلية هو إجراء مخالف للقانون، ولم يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستفيدين من أنشطة تلك الجمعيات وهم ألوف مؤلفة خلافا للأرقام المزيفة التي صرحت بها الجهات الرسمية.
وعقب تمادي وزارة الداخلية في إغلاق المزيد من جمعيات تحفيظ القرآن الكريم سارعت العديد من الهيئات والشخصيات الوطنية والمحلية إلى مطالبة الوزير بإعادة فتح تلك الدور القرآنية والاعتذار عن الأخطاء التي ارتكبت بشأنها، كما اعتبروا قرار الإغلاق يتناقض مع قرار ملك البلاد حول الاهتمام بكتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى رأس هؤلاء الشخصيات الدكتور إدريس الكتاني، رئيس نادي الفكر الإسلامي، والدكتور المهدي المنجرة، رئيس جمعية البحث العلمي في الدراسات المستقبلية، والدكتور عمر الكتاني، رئيس جمعية الدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، والدكتور موسى الشامي، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، والأستاذ أحمد علي الريسوني، رئيس جمعية الدعوة الإسلامية، بالإضافة إلى جمعيات أخرى.
بينما كان آخر تداعيات تفسير المذكور، تصريحات شيخ الأزهر سيد طنطاوي التي تضمنها استجواب أجرته جريدة الصباح في عددها 2673 الصادر بتاريخ 12/11/2008م وهو الرجل الذي اعتلى منبر الدروس الحسنية أكثر من مرة، يذكر فيها كلاما متطابقا تماما مع ما قاله الدكتور محمد المغراوي، في جواز تزويج الصغيرة:
يقول شيخ الأزهر: “أن يعقد شخص القران على فتاة تسع سنوات أو خطبتها فقط، لا أظن في المسألة هناك مانع من الموانع، إلى هنا الأمر يتعلق بخطبة وأقول عقد قران، وليس الدخول بالزوجة. لكن أن يعاشرها معاشرة الزوجة وهي غير بالغة لا أظن ذلك سليما، لأن هذا أمر تأباه شريعة الإسلام ومخالف للقواعد. أرى أنه في هذه الحالة يعقد القران فقط دون أن يعاشرها إلى حين بلوغها”.
وقال كذلك: “أعتقد أن صاحب الفتوى يقصد الزواج بمعناه أن يعقد عليها وليس الدخول بها والمعاشرة الجنسية بالنسبة إلى بنت تسع سنوات، لا نسمي الحال هنا زواجا، وإنما عقد قران يجوز شرعا في الإسلام”.
ولما سأله الصحفي عن زواج عائشة رضي الله عنها قال: “طيب وما العيب في ذلك إذا ما وضعناه في سياقه الصحيح، فالرسول عليه الصلاة والسلام حينما طلب يد عائشة لم يدخل بها إلا بعد أن بلغت، وهذا أمر صحيح السند ثابت في النص الفقهي والرواية”.
فهذا كلام شيخ الأزهر يقر فيه زواج بنت التسع سنوات وهو المفتي الرسمي لمصر، والرجل معروف بتفتحه ومسايرته للعصر ولم يصرح قط أنه سلفي، لكن ذلك لم يمنعه من أن يثبت ما صح في دين الله في هذه المسألة.
أما قوله: “بالامتناع عن معاشرتها حتى تبلغ”، فالدكتور المغراوي ذكر في تفسيره شروطا هي أدق من مجرد البلوغ وهي القدرة وتحمل الزوج والأهلية، ويكفي هذه الكلمة الأخيرة ” الأهلية” لدفع اللبس الذي استغله أدعياء الدفاع عن الطفولة وحقوق المرأة، إذ اعتبروا الشيخ يدعو لاغتصاب براءة الطفولة.
لقد أصبح جليا أن إثارة قضية زواج الصغيرة كان الغرض منها إغلاق دور القرآن لأنها ذات توجه سلفي سواء كان لها ارتباط بالمغراوي أم لا، والواقع يشهد بهذا إذ أغلقت العديد من دور القرآن لا تربطها بالمغراوي علاقة سوى أنها تشترك معه في فهم الكتاب والسنة على طريقة السلف، وتحارب الاستغاثة بالموتى وما شابهه من المخالفات الشركية والبدعية التي لا يكترث بها وزير الأوقاف بل يعتبرها جزء من إحياء ما اندرس من روحانيات المغاربة.
لقد اتحدت إرادات كثيرين ممن سرَّهم ما وقع لدور القرآن، وهم صنفان: دعاة إلى العقائد الفاسدة، ويهمهم أن تخمد أصوات المنابر التي ترشد الناس إلى العقيدة الصحيحة وتحذرهم من أن يسقطوا في البدع الشركية كالذبح لغير الله والاستغاثة بالموتى والصالحين وسؤالهم أن يرزقوهم أو يعينوهم على ما لا يقدر عليه سوى الله سبحانه، أما الصنف الثاني فيمثله العلمانيون وهم حاقدون أنفقوا أعمارهم في محاربة التوجه السلفي مباشرة بعد الاستقلال فلا تجد لهم مقالة أو كتاب إلى تضمن التنقص من الفهم السلفي لنصوص الوحي والطعن في العلماء السلفيين، فلم يسلم منهم الصحابة ولا علماء المسلمين عبر العصور سواء المغاربة أو المشارقة.
إن محاربة السلفية منهجا وعقيدة وفكرا هي محاربة لتاريخ المغرب ولعلمائه وسلاطينه خصوصا العلويين منهم، الذين حاربوا غلاة الطرقيين والمتعصبين من أتباع المذهب ودعوا إلى التزام فهم السلف، ولمن أراد الاستزادة فكتب التاريخ وتراجم العلماء مطبوعة متوافرة في الأسواق.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
السبيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *