في الثلث الأول من هذا الشهر طغت على صفحات الجرائد الوطنية مقالات تناولت بالتحليل خبرين اثنين كلاهما يتعلق بالمرأة، وكلاهما يخص الجانب الذي يهم علاقتها بالرجل.
الخبران هما:
حمل الوزيرة المغربية في الحكومة الفرنسية من سفاح.
كلام الدكتور الشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي عن مشروعية تزويج البنت الصغيرة وذلك عند تفسيره لقول الله تعالى: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ”.
تزامُن هذين الخبرين وطريقة تناول الصحافة العلمانية المغربية لهما عكسا المستوى المتدني الذي تعرفه نخبة صحفيينا، واستهتارهم بكل قيم المغاربة الذين يدّعون الدفاع عنهم.
لا شك أن المغاربة يعلمون أن الصحف العلمانية ما هي إلا مقاولات تقتات من خلال عمليات التخريب التي تقوم بها في حق منظومة قيم الشعب المغربي، ومع ذلك وبكل صفاقة وجه يبيح صحفيوها لأنفسهم الكلام باسم المغاربة المسلمين.
ففي حملتهم على الدكتور المغراوي اتفقت كلمتهم على أن كلامه عن مشروعية تزويج الصغيرة يعد دعوة إلى الاغتصاب، في حين لم يستنكر أحد حمل الوزيرة المغربية من زنا وفرحها بذلك.
فأي شعب تمثله هذه الصحافة عندما تستنكر زواج الصغيرة وتطبل وتزمر لعملية حمل من سفاح.
إن هذه المواقف تبين بوضوح أن الصحافة العلمانية ما هي إلا أبواق للثقافة الغربية المتحللة من كل قيمة أخلاقية، مما يجعل منها أدوات هدم وتخريب لكل مقومات الدين والهوية.
إن الكثير من الصحفيين يجتر توصيات الاتفاقات الدولية دون إدراك منه للتجذر الذي يحظى به الدين الإسلامي في نفوس المغاربة، مهما بدت على تصرفاتهم مظاهر البعد عن تطبيق بعض تعاليمه، ولا أدل على ذلك من اكتضاض المساجد بالمصلين في صلاة القيام، الشيء الذي دفع أحد الصحفيين الحاقدين في جريدة الصباح إلى اختلاق فتوى لأحد المجهولين لم يذكر اسمه ولا لقبه، وادعاء أنه أفتى الناس بجواز الصلاة في الطرق ولو أدى ذلك إلى قطعها على السائقين لكونهم كفارا ما داموا لم يشهدوا الصلاة، وذلك بأسلوب تهويلي يرمي إلى محاصرة الخطاب الديني والتنقيص من أهمية إقامة الصلاة، فبدل أن نسمع منه إنكاره على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تقصيرها في بناء المساجد لإقامة شعائر الصلاة، نراه ينكر على المصلين أداءهم لها بدعوى أنها تعيق الطريق، هذا في الوقت الذي يوجد فيه المسجد المعني في المقال في موقع تحده الطريق العمومية من جهاته الأربع، بالإضافة إلى وجوده بحذاء طريق رئيسية يبلغ عرضها 60م.
ولماذا لم يستنكر هذا الصحفي عرقلة السير الذي تحدثها المهرجانات الموسيقية كمهرجان موازين؟
الجواب واضح لأن رسالة المهرجان في اعتباره واعتبار إخوانه العلمانيين رسالة أسمى من رسالة المسجد، فالمهرجانات تربي الناس على التسامح والانفتاح ونبذ الحقد والكراهية، بينما المسجد يعلم الناس عقيدة الولاء والبراء، ويفرق بين الذين أنعم الله عليهم من المؤمنين وبين المغضوب عليهم والضالين، ويربي الناس على التوحيد وامتثال أمر الله ورسوله، وهذا كله في نظرهم انغلاق ونكوص إلى القرون الوسطى، ورجعية تناقض حداثتهم التي لا ترى غضاضة في أن تحْمِل الوزيرة من سفاح ما دامت قد استسلمت لعشيقها عن رضا، بينما تستنكر تزويج الرجل لابنته التي لم تبلغ سن الـ 18 وإن كانت قادرة على الزواج ومؤهلة له.
إن هذه الحداثة التي يقصد العلمانيون بها طمس معالم الدين الإسلامي ومحو مظاهره لا تعني المغاربة في شيء، بل أصبح الكثير من الناس يستهجن كل ما يلوكه الحداثيون المحدِثون من مصطلحات من قبيل: الانفتاح والتعايش ونبذ الانغلاق والتسامح، لأنها تجسدت على أرض الواقع في زنا وشذوذا وانحلالا، وإماتة للنخوة والغيرة في نفوس الناس.
فمتى يدرك العلمانيون مهما نمّقوا من ألفاظ وزخرفوا من مصطلحات أن المستقبل للقيم وللإسلام وشريعته.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
السبيل