من يصنع الحرب على السلفيين؟

بعد الكذب الصراح الذي تواتر عن كبريات الجرائد الوطنية كالصباح والأحداث وأخبار اليوم.. ومنظمات حقوقية كبيت الحكمة والعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، وكتاب رأي ذوي توجهات علمانية متطرفة كأحمد عصيد، طفت على السطح أسئلة من قبيل:
– من يصنع الحرب على السلفيين؟
– ومن هي الجهة التي تقف وراء ترويج الأخبار الكاذبة، وإخراج القصص التي تتهم السلفيين بالقتل والتدمير، وتكوين هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!!؟
– ولماذا تستهدف هذه الجهات التيارات السلفية بالخصوص؟
– ولماذا تخسأ كل الشياطين العابثة بمصالح شعبنا الكريم بعد فضح كذبها المرة تلو الأخرى؟
لن نحاول الجواب على الأسئلة المطروحة بتحديد الجهات التي تتحمل المسؤولية بعينها، لأن إصابة الحق في ذلك بالأدلة دون الاكتفاء بالتكهنات أو الاعتماد على مجرد القرائن، تتطلب أن تكون لديك أجهزة استخبارات تعرف ما يجري في كواليس القوى المتصارعة على السلطة، وتتبع ما يجري في الاجتماعات التي تعقد في الغرف المسدودة.
وأما الكتاب والجهات الحقوقية والإعلامية فهم مجرد أقماع، ورجع صدى لأصوات لا تريد لهذا البلد الخير والاستقرار، لكن يبقى القاسم المشترك بين المروجين للأكاذيب التي تُصنع لتلويث سمعة السلفيين ذا وجهين:
– الأول يتمثل في الحرب على الإسلاميين.
– والآخر تبني التطرف العلماني منهجا.
وسنحاول المرور مر الكرام على مستنقعات اللئام، ناثرين ملاحظات يستأنس بها القارئ في ظلمة التعتيم على ملفٍ تُفضل جهات كثيرة أن يبقى مطويا، لا يُفتح إلا عند اقتضاء السياسة الماكرة الزج بأصحابه في أتونها كي تحرق أوراقا لخصومها السياسيين، أو تقدمهم قرابين تثبت بهم حسن سيرتها وسلوكها.
الملاحظة الأولى:
أوليس غريبا أن تقوى الهجمات وتتنوع مباشرة بعد ما سمي بالربيع العربي الذي لعب فيه السلفيون دورا بارزا في قطع الطريق على العلمانيين حتى لا يركبوا على ما حققته الشعوب، فيعيدوا إنتاج نظام ديكتاتوري علماني مزركش بألوان “الديمقراطية” المظهرية الجوفاء دون مضمون حقيقي قائم على أرض الواقع، لنستفيق بعد عقود من الزمن وقد ازدادت بلداننا فسادا وتبعية للغرب واستنزافا لثرواتها؟
فالعلمانيون عندما يحيكون المؤامرات ضد السلفيين، وينتجون الأكاذيب ويخرجون القصص المصنوعة، يريدون أن يُظهروا لحكومات الدول الغربية أن الأحزاب الإسلامية التي تتولى نصيبا من الحكم في بلدانها تحمي تيارات سلفية وهابية متطرفة، أتباعها خفافيش ظلام ومصاصو دماء، معادون لبلدهم، مُصِرّون على العيش بقناعات القرون الوسطى في زمن الحداثة والعولمة، رافضون للذوبان في محيطهم، متناقضون في سلوكهم، متطرفون في تدينهم ونظرتهم للواقع، معتنقون لمذهب الوهابية المخالف لمذهب بلدهم، متشبثون بزي الأفغان ولحى طالبان وبخور قندهار وقيم صحراء نجد، مستعبدون للمرأة منتهكون لإنسانيتها وحقوقها، متأهبون دوما لسفك الدماء وتقطيع الأعضاء لتطبيق ما يعتقدونه توهما شريعة الإسلام، كافرون بكل تعاليم لوائح حقوق الإنسان…
والقائمة طويلة ربما استغرقت صفحات هذه الجريدة بأكملها إن أنا تَركتُ القلم ينقل ما تجود به قلوب العلمانيين من أحاسيس يمليها الحقد والكراهية والتعصب الإيديولوجي على أقلام مأجورة تترجمها إلى مفردات تجتمع لتؤلف تهما وأحكاما، يُطلِق عليها كتابها أسماء من قبيل: مقال، تحقيق صحفي، دراسة..، وهي عند التحقيق مجرد أراجيف وأباطيل.
الملاحظة الثانية:
لماذا يُستهدف السلفيون بالتشهير وتكال لهم التهم الباطلة المكذوبة؟ (أنظر ملف هذا العدد) في حين يتم التعتيم على المجهودات الجبارة التي يقومون بها في نشر العلم ومحو الأمية وإعانة المعوزين من خلال جمعياتهم المنتشرة في ربوع المملكة، ويُتجاهل دورهم الرائد في تعزيز الأمن والسكينة ومحاربة الجريمة من خلال إشاعتهم بين صفوف المنحرفين وخريجي السجون أخلاق الإسلام وقيم الأخوة والمحبة والتكافل، مما يسهل إعادة إدماجهم في المجتمع إدماجا كاملا، يوفر على الدولة ميزانيات ضخمة يفترض صرفها في قطاعات العدل والصحة وإدارة السجون ومصالح الأمن.
كل هذه المجهودات لا تسلط عليها الأضواء ولا تحظى بالنشر في الصحف العلمانية لأنها تصدر عن جمعيات نشطاؤها ذوو مرجعية دينية مناقضة للمرجعية العلمانية التي لا تقر بوجود عمل جمعوي إلا إذا كان صادرا عن جمعيات علمانية، لأن المجتمع المدني بمؤسساته -في نظرهم- هو منتج علماني لا يمكن أن يستفيد منه من يرنو إلى استعادة سلطان الشريعة على المجتمع.
الملاحظة الثالثة:
عندما يخطئ السلفي ولو في أمر يخطئ فيه كل إنسان، يوضع تحت المجهر، ويستدل به على نفاق الألوف المؤلفة من المواطنين، ويشهر -بناء عليه- بكل مستن بسنة اللحية متشبه في سمته بالصالحين، فنقرأ الخبر في المواقع الإلكترونية، والجرائد الورقية والمجلات، بل ربما صار الخبر دوليا.
ويبلغ الترويج والتشهير حد السعار وتتفق كلمة العلمانيين عندما يكون الخبر من إخراج الجهات التي تحديدُ هويتها من السهل الممتنع، والتي تستعمل الأقماع المذكورة لترويج رواياتها المختلقة المكذوبة، فتصبح الجرائد وقد أثبتت بأكبر خط تتحمله صفحاتها الأولى: عنوانا كعنوان الصباح الكاذب في صباح يوم 10 مارس 2012: “سلفيون اعتدوا على فتاة ونزعوا ثيابها”، وآخر كعنوان جريدة أخبار اليوم الزائفة في يوم 27 من الشهر نفسه “سلفي يقتل يهوديا بحي الملاح بفاس”، لتتناسل بعدها مقالات العلمانيين أمثال عصيد مستفزة المسؤولين، كي يتحملوا مسؤولياتهم اتجاه هذا الخطر الداهم، موضحين للعالم أن الحكومة “الإسلامية” تتستر على جرائم السلفيين الوهابيين.
وتتمادى قرائح العلمانيين في التناسل ليجتمع أفراد بيت الحكمة ويصدروا بيانا بلهجة الخائف على قيم الحداثة ومكتسبات الديمقراطيين من الغول السلفي الوهابي، المختبئ تحت عباءة الحكومة الملتحية، ليتبين في النهاية أن كل تلك الأخبار وكل تلك التهويلات لا أساس لها في الواقع، عارية عن الصحة، ثم يطالب المواطنون المتضررون رئيسة بيت الحكمة خديجة الرويسي بالاعتذار وتكذيب نفسها، وتقابل الطلب بالتعنت والكبر وهي المتباكية على الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن، لكن من قال أن الألوف المؤلفة من السلفيين يعتبرون عندها مواطنين أصلا؟
الملاحظة الرابعة:
نتساءل لماذا تنشط أقلام وصحف العلمانيين في نشر الأباطيل والكذب والبهتان في حق السلفيين، وكأنها تحارب صفا واحدا عدوا واحدا، في حين تضرب الذكر صفحا عنهم في شكل إجماع على التعتيم، عندما يتعلق الأمر بمهرجان خطابي ضخم تنظمه جمعية من جمعياتهم، كمهرجان نصرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي برعت في تنظيمه الجمعية التي يترأسها الدكتور الشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي (جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة) بالشراكة مع أكثر من مائة جمعية من جمعيات المجتمع المدني، في ساحة الكتبية في فضاء عام مفتوح بمدينة مراكش، حضره الآلاف من المغاربة وتخلله الشعر والزجل والخطب والمحاضرات.
لكن يبدو أن الشعر لا يكون عند العلمانيين إبداعا، إلا إذا احتفى بمعاني “الحداثة”، وثار على المقدس ورفع من شأن المدنس، والزجل لا يكون فنا، إلا إذا فُصل عن الإسلام وقضايا الأمة، والمهرجانات لا تستحق الإشهار والدعاية والتغطية إلا إذا كانت مخصصة للسينما وكناوة والرقص والعيطة، أما إذا نظمت للدفاع عن جناب رسول الأمة صلى الله عليه وسلم فحقها التعتيم والإهمال.
لكن تبقى المفارقة العجيبة بين السعار الذي أصاب الصحف والأقلام العلمانية والقنوات الوطنية عند إثارة الكذب، وخلال الحملة من أجل إغلاق أكثر من 65 دارا للقرآن، وأثناء تغطية أسطورة تدمير السلفيين لنقش “لوحة الشمس” واستماتة العلمانيين في إلصاق التهمة بهم دون جدوى، وبين الصمت المطبق والتعتيم الكبير على مثل المهرجان المذكور، تعطي الانطباع القوي أن مَن أمر بالكلام والهجوم في الأولى، هو نفسه من أمر بالتعتيم والسكوت في الثانية، فلتحي الصحافة المستقلة إذًا!!
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم الطالب/جريدة السبيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *