التَّوحِيدُ الخَالِصُ: (29) توحيد الأسماء والصفات محاذير في توحيد الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة التكييف(1)

• تعريفه:
التكييف لغة: تعيين كنه الصفة.
وشرعا: حكاية كيفية الصفة؛ كقول القائل: كيفية يد الله أو نزوله إلى السماء الدنيا كذا وكذا…
وقد عرفه الشيخ محمد خليل الهراس في شرحه للواسطية، بقوله: “أن يعتقد أن صفات الله تعالى على كيفية كذا، أو يسأل عنها بكيف”.
“وهنا وجب أن يفرق بين التكييف والكيف؛ فلا يصح أن يقال نثبت صفات الله من غير كيف؛ لأن صفات الله سبحانه لها كيفية ولكنها مجهولة.
ولذلك فإن أهل السنة ينفون علمهم بالكيف إذ لا يعلم كيفية ذاته أو صفاته إلا هو سبحانه، ولا ينفون الكيف فإن كل شيء لا بد أن يكون على كيفية ما، فمن نفى الكيف فهو معطل، ومن نفى علمه بالكيف فهو موحد قد فوض العلم بذلك إلى ربه”( 2).
• حكمه:
التكييف محرم لأنه من القول على الله تعالى بغير علم، وهو داخل في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [سورة الأعراف: 33].
قال ابن القيم معلقا على هذه الآية: “فرتب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه”(3 ).
• إجابة من سأل عن كيفية صفات الله:
لأهل السنة طريقتان في إجابة السائل عن كيفية صفات الباري سبحانه:
1- وهي الطريقة المأثرة عن السلف ربيعة ومالك وغيرهما.
قال شيخ الإسلام: “فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟ قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما رضي الله عنهما الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ولا يمكنهم الإجابة عنه”(4)
2- وهو جواب مبني على الأصل الثابت عند أهل السنة في أن القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، وكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات.
قال شيخ الإسلام: “وما أحسن ما قال بعضهم: إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك؟
فقل له: كيف هو في ذاته؟ فإذا قال لك لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري تعالى غير معلوم للبشر. فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مستلزم للعلم بكيفية الموصوف؛ فكيف يمكن أن تعلم كيفية صفة لموصوف لم تعلم كيفيته؛ وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي لك. بل هذه (المخلوقات في الجنة) قد ثبت عن ابن عباس أنه قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء؛ وقد أخبر الله تعالى: أنه (لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين)، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن: (في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). فإذا كان نعيم الجنة وهو خلق من خلق الله كذلك فما ظنك بالخالق سبحانه وتعالى. وهذه الروح التي في بني آدم قد علم العاقل اضطراب الناس فيها وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها؛ أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى؟”(5).
——————
(1 ) – أنظر “معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات” للتميمي ص: 62-64. ومقالة التعطيل: له أيضا و”نواقض توحيد الأسماء والصفات” للقفاري ص: 23-43 و”رسائل في العقيدة” للحمد ص:231.
(2 ) – نواقض توحيد الأسماء والصفات، ص:45
(3 ) – إعلام الموقعين:1/31
(4 ) – مجموع الفتاوى: 3/25
(5) – مجموع الفتاوى: 5/114-115.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *