أحاديث منتشرة لم تثبت في باب الاعتقاد

حديث: “حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم؛ ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم؛ فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم”.
درجته: ضعيف.
انظر: القول الجلي:86، الآيات البينات:16، الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية 1/771-781، الضعيفة 2/975، البداية والنهاية 5/275، تخريج أحاديث الإحياء 5/3458، بغية الباحث 957.
التعليق: يزعم الخرافيون أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة طبيعية كحياة البشر، بل إنه يسمع ويعلم كل ما يدور من كلام وهمس، مستدلون بهذا الحديث، والرد عليه من جهة السند فقد تقدم؛ أما من ناحية المتن فمن وجوه:
أ- أنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين والخميس، فالقول بثبوت هذا العرض على النبي صلى الله عليه وسلم تشريكاً للمخلوق بالخالق، وتشبيهاً للمخلوق بالخالق، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه في حياته كان يحب أن تعرض أعماله على الله وهو صائم فكيف يقال: إن الأعمال تعرض عليه صلى الله عليه وسلم؟
ب- أن النبي صلوات الله وسلامه عليه لما كان في الحياة الدنيوية لم يكن يعلم بأحوال من غاب عنه إلا عندما يوحى إليه.
والأحاديث الدالة على هذا كثيرة، منها قصة الإفك، فلم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم براءة عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول القرآن، وقصة ضياع عقد عائشة -رضي الله عنها- حيث أمر بطلبه مع وجوده تحت البعير الذي تركبه عائشة رضي الله عنها.
فإذا كان صلوات الله وسلامه عليه لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله في الدنيا، فكيف نقول بعلمه في البرزخ؟ وصدق الله {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}الأعراف188.
جـ- أن هذا الحديث يخالف الأحاديث الصحيحة الثابتة، منها حديث الحوض المتواتر حيث ورد فيه: (ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي). وفي رواية أبي هريرة عند البخاري: (إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك).
فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بما أحدثه هؤلاء بعده صلوات الله وسلامه عليه، فيناقض حديث عرض الأعمال الذي يدل على علمه بأعمال أمته، فهذا ضعيف وذاك متواتر.
د- أن العرض إنما ثبت في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر الأعمال كما في الحديث: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قال: فقالوا: يا رسول الله فكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟، قال: يقولون بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء”.
هـ- ثم إنه لو ثبت عرض الأعمال لا يصح الاستدلال به على جواز الدعاء بالرسول صلى الله عليه وسلم أو دعائه… الخ اهـ. الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية 2/771-781.

الحديث: “أن أبا بكر الصديق أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أتعلم القرآن وينفلت مني؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: اللهم إني أسألك بمحمد نبيك وإبراهيم خليلك وبموسى نجيك وعيسى روحك وكلمتك..”.
درجته : موضوع.
انظر: مجموع الفتاوى 1/252 والتوصل 317.
التعليق :التوسل ينقسم إلى قسمين:
توسل مشروع حض عليه الله ورسوله وعمله الصحابة والقرون الخيرة إلى يومنا هذا، وهذا مؤيد بالكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح، والتوسل المشروع.. إما أن يكون توسلاً بأسماء الله وصفاته وذاته، أو توسلاً بأعمال المتوسل الصالحة، أو بتوسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن له.
ولما كان التوسل بذوات المخلوقين لم يحض عليه الكتاب ولا السنة ولا فعله الصحابة ولا القرون الخيرة… إنما فعله الجاهليون فقالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) الزمر:3 فهم أن النوع من التوسل هو توسل ممنوع، لأن الله لم يقبل من الجاهلين قولهم، ومن أجل ذلك أرسل الأنبياء والرسل ليحولوا دون هذا التوسل الذي لا يرضاه الله تعالى فكيف والحالة هذه يوصي به رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بأن يتوسل بمحمد والأنبياء؟!
هذا مما لا يمكن أن يصح عنه. اهـ انظر: التوصل إلى حقيقة التوسل:317-318 باختصار. نقلا عن: أحاديث منتشرة لم تثبت في العقيدة والعبادات والسلوك؛ لأحمد بن عبد الله السلمي. بتصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *